فَرَدَّهُ وَسَيَّرَ فِي أَثَرِهِمْ هِلَالَ بْنَ أَحْوَزَ التَّمِيمِيَّ، فَلَحِقَهُمْ بِقَنْدَابِيلَ، فَأَرَادَ أَهْلُ الْمُهَلَّبِ دُخُولَهَا، فَمَنَعَهُمْ وَدَّاعُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَكَانَ هِلَالُ بْنُ أَحْوَزَ لَمْ يُبَايِنْ آلَ الْمُهَلَّبِ، فَلَمَّا الْتَقَوْا كَانَ وَدَاعٌ عَلَى الْمَيْمَنَةِ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ هِلَالٍ عَلَى الْمَيْسَرَةِ، وَكِلَاهُمَا أَزْدِيٌّ، فَرَفَعَ هِلَالُ بْنُ أَحْوَزَ رَايَةَ أَمَانٍ، فَمَالَ إِلَيْهِ وَدَّاعُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ هِلَالٍ، وَتَفَرَّقَ النَّاسُ عَنْ آلِ الْمُهَلَّبِ. فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ مَرْوَانُ بْنُ الْمُهَلَّبِ أَرَادَ أَنْ يَنْصَرِفَ إِلَى النِّسَاءِ فَيَقْتُلَهُنَّ، لِئَلَّا يَصِرْنَ إِلَى أُولَئِكَ، فَنَهَاهُ الْمُفَضَّلُ عَنْ ذَلِكَ، وَقَالَ: إِنَّا لَا نَخَافُ عَلَيْهِنَّ مِنْ هَؤُلَاءِ. فَتَرَكَهُنَّ، وَتَقَدَّمُوا بِأَسْيَافِهِمْ، فَقَاتَلُوا حَتَّى قُتِلُوا مِنْ عِنْدِ آخِرِهِمْ، وَهُمْ: الْمُفَضَّلُ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ، وَزِيَادٌ، وَمَرْوَانُ بَنُو الْمُهَلَّبِ، وَمُعَاوِيَةُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ الْمُهَلَّبِ، وَالْمِنْهَالُ بْنُ أَبِي عُيَيْنَةَ بْنِ الْمُهَلَّبِ، وَعَمْرُو وَالْمُغَيَّرَةُ ابْنَا قَبِيصَةَ بْنِ الْمُهَلَّبِ، وَحُمِلَتْ رُءُوسُهُمْ، وَفِي أُذُنِ كُلِّ وَاحِدٍ رُقْعَةٌ فِيهَا اسْمُهُ إِلَّا أَبَا عُيَيْنَةَ بْنَ الْمُهَلَّبِ، وَعُمَرَ بْنَ يَزِيدَ بْنِ الْمُهَلَّبِ، وَعُثْمَانَ بْنَ الْمُفَضَّلِ بْنِ الْمُهَلَّبِ، فَإِنَّهُمْ لَحِقُوا بِرُتْبِيلَ.
وَبَعَثَ هِلَالُ بْنُ أَحْوَزَ بِنِسَائِهِمْ وَرُءُوسِهِمْ وَالْأَسْرَى مِنْ آلِ الْمُهَلَّبِ إِلَى مَسْلَمَةَ بِالْحِيرَةِ، فَبَعَثَهُمْ مَسْلَمَةُ إِلَى يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، فَسَيَّرَهُمْ يَزِيدُ إِلَى الْعَبَّاسِ بْنِ الْوَلِيدِ وَهُوَ عَلَى حَلَبَ، فَنَصَبَ الرُّءُوسَ، وَأَرَادَ مَسْلَمَةُ أَنْ يَبِيعَ الذُّرِّيَّةَ، فَاشْتَرَاهُمْ مِنْهُ الْجَرَّاحُ بْنُ عَبْدِ (اللَّهِ الْحَكَمِيُّ بِمِائَةِ أَلْفٍ، وَخَلَّى سَبِيلَهُمْ، وَلَمْ يَأْخُذْ مَسْلَمَةُ مِنَ الْجَرَّاحِ شَيْئًا.
وَلَمَّا بَلَغَ يَزِيدَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ الْخَبَرُ بِقَتْلِ يَزِيدَ سَرَّهُ لِانْتِصَارِهِ، وَلِمَا فِي نَفْسِهِ مِنْهُ قَبْلَ الْخِلَافَةِ) .
وَكَانَ سَبَبُ الْعَدَاوَةِ بَيْنَهُمَا أَنَّ ابْنَ الْمُهَلَّبِ خَرَجَ مِنَ الْحَمَّامِ أَيَّامَ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ وَقَدْ تَضَمَّخَ بِالْغَالِيَةِ، فَاجْتَازَ بِيَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، وَهُوَ إِلَى جَانِبِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، فَقَالَ: قَبَّحَ اللَّهُ الدُّنْيَا، لَوَدِدْتُ أَنَّ مِثْقَالَ غَالِيَةٍ بِأَلْفِ دِينَارٍ، فَلَا يَنَالُهَا إِلَّا كُلُّ شَرِيفٍ. فَسَمِعَ ابْنُ الْمُهَلَّبِ، فَقَالَ لَهُ: بَلْ وَدِدْتُ أَنَّ الْغَالِيَةَ كَانَتْ فِي جَبْهَةِ الْأَسَدِ، فَلَا يَنَالُهَا إِلَّا مِثْلِي. فَقَالَ لَهُ يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ: وَاللَّهِ لَئِنْ وُلِّيتُ يَوْمًا لَأَقْتُلَنَّكَ. فَقَالَ لَهُ ابْنُ الْمُهَلَّبِ: وَاللَّهِ لَئِنْ وُلِّيتَ هَذَا الْأَمْرَ وَأَنَا حَيٌّ لَأَضْرِبَنَّ وَجْهَكَ بِخَمْسِينَ أَلْفِ سَيْفٍ، فَهَذَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute