كَانَ سَبَبُ الْبُغْضِ بَيْنَهُمَا، وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ.
وَأَمَّا الْأَسْرَى فَكَانُوا ثَلَاثَةَ عَشَرَ رَجُلًا، فَلَمَّا قَدِمَ بِهِمْ عَلَى يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ وَعِنْدَهُ كُثَيِّرُ عَزَّةَ، فَأَنْشَدَ:
حَلِيمٌ إِذَا مَا نَالَ عَاقَبَ مُجْمِلًا ... أَشَدَّ الْعِقَابِ أَوْ عَفَا لَمْ يُثَرِّبِ
فَعَفْوًا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَحِسْبَةً ... فَمَا تَأْتِهِ مِنْ صَالِحٍ لَكَ يُكْتَبِ
أَسَاءُوا فَإِنْ تَصَفَحْ فَإِنَّكَ قَادِرٌ ... وَأَفْضَلُ حِلْمٍ حِسْبَةً حِلْمُ مُغْضَبِ
قَالَ يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ: هَيْهَاتَ يَا أَبَا صَخْرٍ! طَفَّ بِكَ الرَّحِمُ لَا سَبِيلَ إِلَى ذَلِكَ، إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ، أَفَادَنِيهِمْ بِأَعْمَالِهِمِ الْخَبِيثَةِ. ثُمَّ أَمَرَ بِهِمْ، فَقُتِلُوا، وَبَقِيَ غُلَامٌ صَغِيرٌ، فَقَالَ: اقْتُلُونِي، فَمَا أَنَا بِصَغِيرٍ. فَقَالَ: انْظُرُوا أَنْبَتَ. فَقَالَ: أَنَا أَعْلَمُ بِنَفْسِي، فَقَدِ احْتَلَمْتُ، وَوَطِئْتُ النِّسَاءَ. فَأَمَرَ بِهِ يَزِيدُ فَقُتِلَ.
وَأَسْمَاءُ الْأَسْرَى الَّذِينَ قُتِلُوا: الْمُعَارِكُ، وَعَبْدُ اللَّهِ، وَالْمُغِيرَةُ، وَالْمُفَضَّلُ، وَمِنْجَابُ أَوْلَادُ يَزِيدَ بْنِ الْمُهَلَّبِ، وَدُرَيْدٌ، وَالْحَجَّاجٌ، وَغَسَّانٌ، وَشَبِيبٌ، وَالْفَضْلُ أَوْلَادُ الْمُفَضَّلِ بْنِ الْمُهَلَّبِ، وَالْمُفَضَّلُ بْنُ قَبِيصَةَ بْنِ الْمُهَلَّبِ. وَقَالَ ثَابِتُ قُطْنَةَ يَرْثِي يَزِيدَ بْنَ الْمُهَلَّبِ:
أَبَى طُولُ هَذَا اللَّيْلِ أَنْ يَتَصَرَّمَا ... وَهَاجَ لَكَ الْهَمُّ الْفُؤَادَ الْمُتَيَّمَا
أَرِقْتُ وَلَمْ تَأْرَقْ مَعِي أُمُّ خَالِدٍ ... وَقَدْ أَرِقَتْ عَيْنَايَ حَوْلًا مُجَرَّمَا
عَلَى هَالِكٍ هَدَّ الْعَشِيرَةَ فَقْدُهُ ... دَعَتْهُ الْمَنَايَا فَاسْتَجَابَ وَسَلَّمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute