يُقَالُ: إِنَّ دَيْوَشْتَى دِهْقَانُ سَمَرْقَنْدَ، وَاسْمُهُ دَيْوَ أَشْنَجِ فَأَعْرَبُوهُ، وَقِيلَ: كَانَ عَلَى أَقْبَاضِ خُجَنْدَةَ عِلْبَاءُ بْنُ أَحْمَرَ الْيَشْكُرِيُّ، فَاشْتَرَى رَجُلٌ مِنْهُمْ جُونَةً بِدِرْهَمَيْنِ، فَوَجَدَ فِيهَا سَبَائِكَ ذَهَبٍ، فَرَجَعَ وَقَدْ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى وَجْهِهِ كَأَنَّهُ رَمِدَ، فَرَدَّ الْجُونَةَ، وَأَخَذَ الدِّرْهَمَيْنِ، فَطُلِبَ فَلَمْ يُعْرَفْ.
وَسَرَّحَ الْحَرَشِيُّ سُلَيْمَانَ بْنَ أَبِي السَّرِيِّ إِلَى حِصْنٍ يُطِيفُ بِهِ وَادِي الصُّغْدِ إِلَّا مِنْ وَجْهٍ وَاحِدٍ، وَمَعَهُ خُوَارَزْمُشَاهْ، وَصَاحِبُ آخْرُونَ، وَشُومَانَ، فَسَيَّرَ سُلَيْمَانُ عَلَى مُقَدِّمَتِهِ الْمُسَيَّبَ بْنَ بِشْرٍ الرِّيَاحِيَّ، فَتَلْقَوْهُ عَلَى فَرْسَخٍ، فَهَزَمَهُمْ حَتَّى رَدَّهُمْ إِلَى حِصْنِهِمْ فَحَصَرَهُمْ، فَطَلَبَ الدَّيْوَشْتَى أَنْ يَنْزِلَ عَلَى حُكْمِ الْحَرَشِيِّ، فَسَيَّرَهُ إِلَيْهِ، فَأَكْرَمَهُ، وَطَلَبَ أَهْلُ الْقَلْعَةِ الصُّلْحَ عَلَى أَنْ لَا يَتَعَرَّضَ لِنِسَائِهِمْ وَذَرَارِيهِمْ وَيُسَلِّمُونَ الْقَلْعَةَ. فَبَعَثَ سُلَيْمَانُ إِلَى الْحَرَشِيِّ لِيَبْعَثَ الْأُمَنَاءَ لِقَبْضِ مَا فِي الْقَلْعَةِ، فَبَعَثَ مَنْ قَبَضَهُ وَبَاعُوهُ وَقَسَّمُوهُ.
وَسَارَ الْحَرَشِيُّ إِلَى كَشَّ، وَصَالَحُوهُ عَلَى عَشَرَةِ آلَافِ رَأْسٍ، وَقِيلَ سِتَّةِ آلَافِ رَأْسٍ. وَسَارَ إِلَى زَرَنْجَ، فَوَافَاهُ كِتَابُ ابْنِ هُبَيْرَةَ بِإِطْلَاقِ دَيْوَشْتَى، فَقَتَلَهُ وَصَلَبَهُ، وَوَلَّى نَصْرَ بْنَ سَيَّارٍ قَبْضَ صُلْحِ كَشَّ، وَاسْتَعْمَلَ سُلَيْمَانَ بْنَ أَبِي السَّرِيِّ عَلَى كَشَّ وَنَسَفَ حَرْبِهَا وَخَرَاجِهَا. وَكَانَتْ خَزَائِنَ مَنِيعَةً، فَقَالَ الْمُجَشِّرِ لِلْحَرَشِيِّ: أَلَا أَدُلُّكَ عَلَى مَنْ يَفْتَحُهَا لَكَ بِغَيْرِ قِتَالٍ؟ قَالَ: بَلَى. قَالَ: الْمُسَرْبَلُ بْنُ الْخِرِّيتِ بْنِ رَاشِدٍ النَّاجِي، فَوَجَّهَهُ إِلَيْهَا، وَكَانَ صَدِيقًا لِمَلِكِهَا، وَاسْمُ الْمَلِكِ سُبُقْرَى، فَأَخْبَرَ الْمَلِكَ بِمَا صَنَعَ الْحَرَشِيُّ بِأَهْلِ خُجَنْدَةَ وَخَوَّفَهُ، قَالَ: فَمَا تَرَى؟ قَالَ: أَنْ تَنْزِلَ بِأَمَانٍ. قَالَ: فَمَا أَصْنَعُ بِمَنْ لَحِقَ بِي؟ قَالَ: تَجْعَلُهُمْ فِي أَمَانِكَ، فَصَالَحَهُمْ فَآمَنُوهُ وَبِلَادَهُ، وَرَجَعَ الْحَرَشِيُّ إِلَى بِلَادِهِ وَمَعَهُ سُبُقْرَى، فَقُتِلَ سُبُقْرَى وَصُلِبَ وَمَعَهُ الْأَمَانُ.
ذِكْرُ ظَفَرِ الْخَزَرِ بِالْمُسْلِمِينَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ دَخَلَ جَيْشٌ لِلْمُسْلِمِينَ بِلَادَ الْخَزَرِ مِنْ أَرْمِينِيَّةَ وَعَلَيْهِمْ ثُبَيْتٌ النَّهْرَانِيُّ، فَاجْتَمَعَتِ الْخَزَرُ فِي جَمْعٍ كَثِيرٍ وَأَعَانَهُمْ قُفْجَاقٌ وَغَيْرُهُمْ مِنْ أَنْوَاعِ التُّرْكِ، فَلَقُوا الْمُسْلِمِينَ فِي مَكَانٍ يُعْرَفُ بِمَرْجِ الْحِجَارَةِ، فَاقْتَتَلُوا هُنَالِكَ قِتَالًا شَدِيدًا، فَقُتِلَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ بَشَرٌ كَثِيرٌ وَاحْتَوَتِ الْخَزَرُ عَلَى عَسْكَرِهِمْ، وَغَنِمُوا جَمِيعَ مَا فِيهِ، وَأَقْبَلَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute