الْخَرَاجَ وَوَضَعَهُ مَوَاضِعَهُ.
ثُمَّ غَزَا الثَّانِيَةَ إِلَى وَرَغْسَرَ وَسَمَرْقَنْدَ ثُمَّ رَجَعَ. ثُمَّ غَزَا الثَّالِثَةَ إِلَى الشَّاشِ مِنْ مَرْوَ، فَحَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عُبُورِ نَهْرِ الشَّاشِ كُورْصُولُ فِي خَمْسَةَ عَشَرَ أَلْفًا، وَكَانَ مَعَهُمُ الْحَارِثُ بْنُ سُرَيْجٍ، وَعَبَرَ كُورْصُولُ فِي أَرْبَعِينَ رَجُلًا، فَبَيَّتَ أَهْلُ الْعَسْكَرِ فِي لَيْلَةٍ مُظْلِمَةٍ، وَمَعَ نَصْرٍ بُخَارَاخُذَاهْ فِي أَهْلِ بُخَارَى، وَمَعَهُ أَهْلُ سَمَرْقَنْدَ وَكَشٍّ وَنَسَفَ، وَهُمْ عِشْرُونَ أَلْفًا، فَنَادَى نَصْرٌ: أَلَّا يَخْرُجَنَّ أَحَدٌ وَاثْبُتُوا عَلَى مَوَاضِعِكُمْ. فَخَرَجَ عَاصِمُ بْنُ عُمَيْرٍ، وَهُوَ عَلَى جُنْدِ سَمَرْقَنْدَ، فَمَرَّتْ بِهِ خَيْلُ التُّرْكِ، فَحَمَلَ عَلَى رَجُلٍ فِي آخِرِهِمْ فَأَسَرَهُ، فَإِذَا هُوَ مَلِكٌ مِنْ مُلُوكِهِمْ صَاحِبُ أَرْبَعَةِ آلَافِ قُبَّةٍ، فَأَتَى بِهِ إِلَى نَصْرٍ، فَقَالَ لَهُ نَصْرٌ: مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: كُورْصُولُ. فَقَالَ نَصْرٌ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَمْكَنَ مِنْكَ يَا عَدُوَّ اللَّهِ. قَالَ: مَا تَرْجُو مِنْ قَتْلِ شَيْخٍ؟ وَأَنَا أُعْطِيكَ أَرْبَعَةَ آلَافِ بَعِيرٍ مِنْ إِبِلِ التُّرْكِ وَأَلْفَ بِرْذَوْنٍ تُقَوِّي بِهَا جُنْدَكَ وَتُطْلِقُ سَبِيلِي. فَاسْتَشَارَ نَصْرٌ أَصْحَابَهُ، فَأَشَارُوا بِإِطْلَاقِهِ، فَسَأَلَهُ عَنْ عُمْرِهِ، قَالَ: لَا أَدْرِي. قَالَ: كَمْ غَزَوْتَ؟ قَالَ: اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ غَزْوَةً. قَالَ: أَشْهِدْتَ يَوْمَ الْعَطَشِ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: لَوْ أَعْطَيْتَنِي مَا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ مَا أَفْلَتَّ مِنْ يَدِي بَعْدَ مَا ذَكَرْتَ مِنْ مَشَاهِدِكَ. وَقَالَ لِعَاصِمِ بْنِ عُمَيْرٍ السَّعْدِيِّ: قُمْ إِلَى سَلَبِهِ فَخُذْهُ. فَقَالَ: مَنْ أَسَرَنِي؟ قَالَ نَصْرٌ، وَهُوَ يَضْحَكُ: أَسَرَكَ يَزِيدُ بْنُ قِرَانٍ الْحَنْظَلِيُّ، وَأَشَارَ إِلَيْهِ. قَالَ: هَذَا لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَغْسِلَ اسْتَهُ، أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُتِمَّ لَهُ بَوْلَهُ فَكَيْفَ يَأْسِرُنِي؟ أَخْبِرْنِي مَنْ أَسَرَنِي؟ قَالَ: أَسَرَكَ عَاصِمُ بْنُ عُمَيْرٍ. قَالَ: لَسْتُ أَجِدُ أَلَمَ الْقَتْلِ إِذَا كَانَ أَسَرَنِي فَارِسٌ مِنْ فُرْسَانِ الْعَرَبِ. فَقَتَلَهُ وَصَلَبَهُ عَلَى شَاطِئِ النَّهْرِ.
وَعَاصِمُ بْنُ عُمَيْرٍ هُوَ الْهَزَارْمَرْدُ، قُتِلَ بِنَهَاوَنْدَ أَيَّامَ قَحْطَبَةَ.
فَلَمَّا قُتِلَ كُورْصُولُ أَحْرَقَتِ التُّرْكُ أَبْنِيَتَهُ وَقَطَعُوا آذَانَهُمْ وَقَصُّوا شُعُورَهُمْ وَأَذْنَابَ خَيْلِهِمْ. فَلَمَّا أَرَادَ نَصْرٌ الرُّجُوعَ أَحْرَقَهُ لِئَلَّا يَحْمِلُوا عِظَامَهُ، فَكَانَ ذَلِكَ أَشَدَّ عَلَيْهِمْ مِنْ قَتْلِهِ، وَارْتَفَعَ إِلَى فَرْغَانَةَ فَسَبَى بِهَا أَلْفَ رَأْسٍ.
وَكَتَبَ يُوسُفُ بْنُ عُمَرَ إِلَى نَصْرٍ: سِرْ إِلَى هَذَا الْغَارِزِ ذَنَبَهُ فِي الشَّاشِ، يَعْنِي الْحَارِثَ بْنَ سُرَيْجٍ، فَإِنْ أَظْفَرَكَ اللَّهُ بِهِ وَبِأَهْلِ الشَّاشِ فَخَرِّبْ بِلَادَهُمْ وَاسْبِ ذَرَارِيَهُمْ، إِيَّاكَ وَوَرْطَةَ الْمُسْلِمِينَ. فَقَرَأَ الْكِتَابَ عَلَى النَّاسِ وَاسْتَشَارَهُمْ، فَقَالَ يَحْيَى بْنُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute