مِنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ صَاحِبِ دِيوَانِ الرَّسَائِلِ. فَقَرَأَهُ وَسَأَلَ مَوْلَى أَبِي مُحَمَّدٍ السُّفْيَانِيِّ عَنْ كَاتِبِهِ عِيَاضٍ، فَقَالَ: لَمْ يَزَلْ مَحْبُوسًا حَتَّى نَزَلَ بِهِشَامٍ الْمَوْتُ، فَأَرْسَلَ إِلَى الْخُزَّانِ وَقَالَ: احْتَفِظُوا بِمَا فِي أَيْدِيكُمْ، فَأَفَاقَ هِشَامٌ فَطَلَبَ شَيْئًا فَمَنَعُوهُ، فَقَالَ: إِنَّا لِلَّهِ، كُنَّا خُزَّانًا لِلْوَلِيدِ! وَمَاتَ مِنْ سَاعَتِهِ، وَخَرَجَ عِيَاضٌ مِنَ السِّجْنِ، فَخَتَمَ أَبْوَابَ الْخَزَائِنِ وَأَنْزَلَ هِشَامًا عَنْ فَرْشِهِ، وَمَا وَجَدُوا لَهُ قُمْقُمًا يُسَخَّنُ لَهُ فِيهِ الْمَاءُ حَتَّى اسْتَعَارُوهُ، وَلَا وَجَدُوا كَفَنًا مِنَ الْخَزَائِنِ فَكَفَّنَهُ غَالِبٌ مَوْلَاهُ، فَقَالَ:
هَلَكَ الْأَحْوَلُ الْمَشُو ... مُ فَقَدْ أُرْسِلَ الْمَطَرْ
وَمَلَكْنَا مِنْ بَعْدِ ذَا ... كَ فَقَدْ أَوْرَقَ الشَّجَرْ
فَاشْكُرُوا اللَّهَ إِنَّهُ ... زَائِدٌ كُلَّ مَنْ شَكَرْ
وَقِيلَ: إِنَّ هَذَا الشِّعْرَ لِغَيْرِ الْوَلِيدِ.
فَلَمَّا سَمِعَ الْوَلِيدُ مَوْتَهُ كَتَبَ إِلَى الْعَبَّاسِ (بْنِ الْوَلِيدِ) بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ أَنْ يَأْتِيَ الرُّصَافَةَ، فَيُحْصِيَ مَا فِيهَا مِنْ أَمْوَالِ هِشَامٍ وَوَلَدِهِ، وَيَأْخُذَ عُمَّالَهُ وَحَشَمَهُ إِلَّا مَسْلَمَةَ بْنَ هِشَامٍ فَإِنَّهُ كَلَّمَ أَبَاهُ فِي الرِّفْقِ بِالْوَلِيدِ. فَقَدِمَ الْعَبَّاسُ الرُّصَافَةَ فَفَعَلَ مَا كَتَبَ بِهِ الْوَلِيدُ إِلَيْهِ، وَكَتَبَ بِهِ إِلَى الْوَلِيدِ، فَقَالَ الْوَلِيدُ:
لَيْتَ هِشَامًا كَانَ حَيًّا يَرَى ... مِحْلَبَهُ الْأَوْفَرَ قَدْ أُتْرِعَا
وَيُرْوَى:
لَيْتَ هِشَامًا عَاشَ حَتَّى يَرَى ... مِكْيَالَهُ الْأَوْفَرَ قَدْ طُبِّعَا
كِلْنَاهُ بِالصَّاعِ الَّذِي كَالَهُ ... وَمَا ظَلَمْنَاهُ بِهِ إِصْبَعَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute