للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمَا أَتَيْنَا ذَاكَ عَنْ بِدْعَةٍ

أَحَلَّهُ الْفُرْقَانُ لِي أَجْمَعَا

وَضَيَّقَ عَلَى أَهْلِ هِشَامٍ وَأَصْحَابِهِ، فَجَاءَ خَادِمٌ لِهِشَامٍ فَوَقَفَ عِنْدَ قَبْرِهِ وَبَكَى وَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لَوْ رَأَيْتَ مَا يَصْنَعُ بِنَا الْوَلِيدُ. فَقَالَ بَعْضُ مَنْ هُنَاكَ: لَوْ رَأَيْتَ مَا صَنَعَ بِهِشَامٍ لَعَلِمْتَ أَنَّكَ فِي نِعْمَةٍ لَا تَقُومُ بِشُكْرِهَا! إِنَّ هِشَامًا فِي شُغُلٍ مِمَّا هُوَ فِيهِ عَنْكُمْ.

وَاسْتَعْمَلَ الْوَلِيدُ الْعُمَّالَ، وَكَتَبَ إِلَى الْآفَاقِ بِأَخْذِ الْبَيْعَةِ، فَجَاءَتْهُ بَيْعَتُهُمْ، وَكَتَبَ إِلَيْهِ مَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ بِبَيْعَتِهِ وَاسْتَأْذَنَهُ فِي الْقُدُومِ عَلَيْهِ. فَلَمَّا وَلِيَ الْوَلِيدُ أَجْرَى عَلَى زَمْنَى أَهْلِ الشَّامِ وَعُمْيِهِمْ وَكَسَاهُمْ، وَأَمَرَ لِكُلِّ إِنْسَانٍ مِنْهُمْ بِخَادِمٍ، وَأَخْرَجَ لِعِيَالَاتِ النَّاسِ الطِّيبَ وَالْكُسْوَةَ وَزَادَهُمْ، وَزَادَ النَّاسَ فِي الْعَطَاءِ عَشَرَاتٍ، ثُمَّ زَادَ أَهْلَ الشَّامِ بَعْدَ الْعَشَرَاتِ عَشَرَةً عَشَرَةً، وَزَادَ الْوُفُودَ، وَلَمْ يَقُلْ فِي شَيْءٍ يُسْأَلُهُ لَا وَقَالَ:

ضَمِنْتُ لَكُمْ إِنْ لَمْ تَعُقْنِي عَوَائِقٌ ... بِأَنَّ سَمَاءَ الضُّرِّ عَنْكُمْ سَتُقْلِعُ

سَيُوشِكُ إِلْحَاقٌ مَعًا وَزِيَادَةٌ ... وَأَعْطِيَةٌ مِنِّي عَلَيْكُمْ تَبَرَّعُ

مُحَرَّمُكُمْ دِيوَانُكُمْ وَعَطَاؤُكُمْ ... بِهِ تَكْتُبُ الْكُتَّابُ شَهْرًا وَتَطْبَعُ

قَالَ حُلْمُ الْوَادِي الْمُغَنِّي: كُنَّا مَعَ الْوَلِيدِ وَأَتَاهُ خَبَرُ مَوْتِ هِشَامٍ وَهُنِّئَ بِوِلَايَةِ الْخِلَافَةِ، وَأَتَاهُ الْقَضِيبُ وَالْخَاتَمُ، ثُمَّ قَالَ: فَأَمْسَكْنَا سَاعَةً وَنَظَرْنَا إِلَيْهِ بِعَيْنِ الْخِلَافَةِ، فَقَالَ: غَنُّونِي:

<<  <  ج: ص:  >  >>