سُلَيْمَانُ مِمَّنْ سَعَى فِي أَمْرِهِ.
وَكَانَ مَعَ الْوَلِيدِ مَالِكُ بْنُ أَبِي السَّمْحِ الْمُغَنِّي، وَعَمْرٌو الْوَادِيُّ الْمُغَنِّي أَيْضًا، فَلَمَّا تَفَرَّقَ عَنِ الْوَلِيدِ أَصْحَابُهُ وَحُصِرَ قَالَ مَالِكٌ لِعَمْرٍو: اذْهَبْ بِنَا. فَقَالَ عَمْرٌو: لَيْسَ هَذَا مِنَ الْوَفَاءِ، نَحْنُ لَا يُعْرَضُ لَنَا لِأَنَّا لَسْنَا مِمَّنْ يُقَاتِلُ. فَقَالَ مَالِكٌ: وَاللَّهِ لَئِنْ ظَفِرُوا بِكَ وَبِي لَا يُقْتَلُ أَحَدٌ قَبْلِي وَقَبْلَكَ، فَيُوضَعُ رَأْسُهُ بَيْنَ رَأْسَيْنَا وَيُقَالُ لِلنَّاسِ: انْظُرُوا مَنْ كَانَ مَعَهُ فِي هَذِهِ الْحَالِ، فَلَا يَعِيبُونَهُ بِشَيْءٍ أَشَدَّ مِنْ هَذَا. فَهَرَبَا.
وَكَانَ قَتْلُهُ لِلَيْلَتَيْنِ بَقِيَتَا مِنْ جُمَادَى الْآخِرَةِ سَنَةَ سِتٍّ وَعِشْرِينَ، وَكَانَتْ مُدَّةُ خِلَافَتِهِ سَنَةً وَثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ، وَقِيلَ سَنَةً وَشَهْرَيْنِ وَاثْنَيْنِ وَعِشْرِينَ يَوْمًا، وَكَانَ عُمْرُهُ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ سَنَةً، وَقِيلَ: قُتِلَ وَهُوَ ابْنُ ثَمَانٍ وَثَلَاثِينَ سَنَةً، وَقِيلَ إِحْدَى وَأَرْبَعِينَ سَنَةً، وَقِيلَ سِتٍّ وَأَرْبَعِينَ سَنَةً.
ذِكْرُ نَسَبِ الْوَلِيدِ وَبَعْضِ سِيرَتِهِ
هُوَ الْوَلِيدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ بْنِ أَبِي الْعَاصِ بْنِ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ الْأُمَوِيُّ، يُكَنَّى أَبَا الْعَبَّاسِ، وَأُمُّهُ أُمُّ الْحَجَّاجِ بِنْتُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ الثَّقَفِيِّ، وَهِيَ بِنْتُ أَخِي الْحَجَّاجِ بْنِ يُوسُفَ، وَأُمُّ أَبِيهِ عَاتِكَةُ بِنْتُ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، وَأُمُّهَا أُمُّ كُلْثُومٍ بِنْتُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ كُرَيْزٍ، وَأُمُّ عَامِرِ بْنِ كُرَيْزٍ أُمُّ حَكِيمٍ الْبَيْضَاءُ بِنْتُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَلِذَلِكَ يَقُولُ الْوَلِيدُ:
نَبِيُّ الْهُدَى خَالِي وَمَنْ يَكُ خَالُهُ ... نَبِيَّ الْهُدَى يُقْهَرْ بِهِ مَنْ يُفَاخِرُهُ
وَكَانَ مِنْ فِتْيَانِ بَنِي أُمَيَّةَ وَظُرَفَائِهِمْ وَشُجْعَانِهِمْ وَأَجْوَادِهِمْ وَأَشِدَّائِهِمْ، مُنْهَمِكًا فِي اللَّهْوِ وَالشُّرْبِ وَسَمَاعِ الْغِنَاءِ فَظَهَرَ ذَلِكَ مِنْ أَمْرِهِ فَقُتِلَ. وَمِنْ جَيِّدِ شِعْرِهِ مَا قَالَهُ لَمَّا بَلَغَهُ أَنَّ هِشَامًا يُرِيدُ خَلْعَهُ:
كَفَرْتَ يَدًا مِنْ مُنْعِمٍ لَوْ شَكَرْتَهَا ... جَزَاكَ بِهَا الرَّحْمَنُ ذُو الْفَضْلِ وَالْمَنِّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute