وَقَدْ تَقَدَّمَتِ الْأَبْيَاتُ الْأَرْبَعَةُ، وَأَشْعَارُهُ حَسَنَةٌ فِي الْغَزَلِ وَالْعِتَابِ وَوَصْفِ الْخَمْرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَقَدْ أَخَذَ الشُّعَرَاءُ مَعَانِيَهُ فِي وَصْفِ الْخَمْرِ فَسَرَقُوهَا وَأَدْخَلُوهَا فِي أَشْعَارِهِمْ وَخَاصَّةً أَبُو نُوَاسٍ فَإِنَّهُ أَكْثَرُهُمْ أَخْذًا لَهَا.
قَالَ الْوَلِيدُ: الْمَحَبَّةُ لِلْغَنَاءِ تَزِيدُ فِي الشَّهْوَةِ، وَتَهْدِمُ الْمُرُوءَةُ، وَتَنُوبُ عَنِ الْخَمْرِ، وَتَفْعَلُ مَا يَفْعَلُ السُّكْرُ، فَإِنْ كُنْتُمْ لَا بُدَّ فَاعِلِينَ فَجَنِّبُوهُ النِّسَاءَ، فَإِنَّ الْغِنَاءَ رُقْيَةُ الزِّنَا، وَإِنِّي لَأَقُولَ ذَلِكَ عَلَيَّ وَإِنَّهُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ كُلِّ لَذَّةٍ، وَأَشْهَى إِلَى نَفْسِي مِنَ الْمَاءِ إِلَى ذِي الْغُلَّةِ، وَلَكِنَّ الْحَقَّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ. قِيلَ: إِنَّ يَزِيدَ بْنَ مُنَبِّهٍ مَوْلَى ثَقِيفٍ مَدَحَ الْوَلِيدَ وَهَنَّأَهُ بِالْخِلَافَةِ، فَأَمَرَ أَنْ تُعَدَّ الْأَبْيَاتُ وَيُعْطَى بِكُلِّ بَيْتٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ، فَعُدَّتْ فَكَانَتْ خَمْسِينَ بَيْتًا فَأُعْطِيَ خَمْسِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ، وَهُوَ أَوَّلُ خَلِيفَةٍ عَدَّ الشِّعْرَ وَأَعْطَى بِكُلِّ بَيْتٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ.
وَمِمَّا شُهِرَ عَنْهُ أَنَّهُ فَتَحَ الْمُصْحَفَ فَخَرَجَ: {وَاسْتَفْتَحُوا وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ} [إبراهيم: ١٥] ، فَأَلْقَاهُ وَرَمَاهُ بِالسِّهَامِ وَقَالَ:
تُهَدِّدُنِي بِجَبَّارٍ عَنِيدٍ ... فَهَا أَنَا ذَاكَ جَبَّارٌ عَنِيدُ
إِذَا مَا جِئْتَ رَبَّكَ يَوْمَ حَشْرٍ ... فَقُلْ يَا رَبِّ مَزَّقَنِي الْوَلِيدُ
فَلَمْ يَلْبَثْ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَّا يَسِيرًا حَتَّى قُتِلَ.
وَمِنْ حَسَنِ الْكَلَامِ مَا قَالَهُ الْوَلِيدُ لَمَّا مَاتَ مَسْلَمَةُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، فَإِنَّ هِشَامًا قَعَدَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute