وَلَا أُكْثِرَ مَالًا، وَلَا أُعْطِيَهِ زَوْجَةً وَوَلَدًا، وَلَا أَنْقُلَ مَالًا عَنْ بَلَدٍ حَتَّى أَسُدَّ ثَغْرَهُ وَخَصَاصَةَ أَهْلِهِ بِمَا يُغْنِيهِمْ، فَمَا فَضَلَ نَقَلْتُهُ إِلَى الْبَلَدِ الَّذِي يَلِيهِ، وَلَا أُجَمِّرَكُمْ فِي ثُغُورِكُمْ فَأَفْتِنَكُمْ، وَلَا أُغْلِقَ بَابِي دُونَكُمْ، وَلَا أَحْمِلَ عَلَى أَهْلِ جِزْيَتِكُمْ، وَلَكُمْ أَعْطِيَاتُكُمْ كُلَّ سَنَةٍ وَأَرْزَاقُكُمْ فِي كُلِّ شَهْرٍ حَتَّى يَكُونَ أَقْصَاكُمْ كَأَدْنَاكُمْ، فَإِنْ وَفَيْتُ لَكُمْ بِمَا قُلْتُ فَعَلَيْكُمُ السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ وَحُسْنُ الْوَزَارَةِ، وَإِنْ لَمْ أَفِ فَلَكُمْ أَنْ تَخْلَعُونِي إِلَّا أَنْ أَتُوبَ، وَإِنْ عَلِمْتُمْ أَحَدًا مِمَّنْ يُعْرَفُ بِالصَّلَاحِ يُعْطِيكُمْ مِنْ نَفْسِهِ مِثْلَ مَا أُعْطِيكُمْ وَأَرَدْتُمْ أَنْ تُبَايِعُوهُ فَأَنَا أَوَّلُ مَنْ يُبَايِعُهُ. أَيُّهَا النَّاسُ لَا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ الْخَالِقِ.
ذِكْرُ اضْطِرَابِ بَنِي أُمَيَّةَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ اضْطَرَبَ أَمْرُ بَنِيَ أُمَيَّةَ وَهَاجَتِ الْفِتْنَةُ، فَكَانَ مِنْ ذَلِكَ وُثُوبُ سُلَيْمَانَ بْنِ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بَعْدَ قَتْلِ الْوَلِيدِ بِعَمَّانَ، وَكَانَ قَدْ حَبَسَهُ الْوَلِيدُ بِهَا، فَخَرَجَ مِنَ الْحَبْسِ وَأَخَذَ مَا كَانَ بِهَا مِنَ الْأَمْوَالِ وَأَقْبَلَ إِلَى دِمَشْقَ وَجَعَلَ يَلْعَنُ الْوَلِيدَ وَيَعِيبُهُ بِالْكُفْرِ.
ذِكْرُ خِلَافِ أَهْلِ حِمْصَ
لَمَّا قُتِلَ الْوَلِيدُ أَغْلَقَ أَهْلُ حِمْصَ أَبْوَابَهَا وَأَقَامُوا النَّوَائِحَ وَالْبَوَاكِيَ عَلَيْهِ، وَقِيلَ لَهُمْ: إِنَّ الْعَبَّاسَ بْنَ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ أَعَانَ عَبْدَ الْعَزِيزِ عَلَى قَتْلِهِ، فَهَدَمُوا دَارَهُ وَأَنْهَبُوهَا وَسَلَبُوا حُرَمَهُ وَطَلَبُوهُ، فَسَارَ إِلَى أَخِيهِ يَزِيدَ، فَكَاتَبُوا الْأَجْنَادَ وَدَعَوْهُمْ إِلَى الطَّلَبِ بِدَمِ الْوَلِيدِ، فَأَجَابُوهُمْ وَاتَّفَقُوا أَنْ لَا يُطِيعُوا يَزِيدَ وَأَمَّرُوا عَلَيْهِمْ مُعَاوِيَةَ بْنَ يَزِيدَ بْنِ الْحُصَيْنِ بْنِ نُمَيْرٍ، وَوَافَقَهُمْ مَرْوَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ عَلَى ذَلِكَ.
فَرَاسَلَهُمْ يَزِيدُ فَلَمْ يَسْمَعُوا وَجَرَحُوا رُسُلَهُ. فَسَيَّرَ إِلَيْهِمْ أَخَاهُ مَسْرُورًا فِي جَمْعٍ كَثِيرٍ، فَنَزَلُوا حُوَّارِينَ، ثُمَّ قَدِمَ عَلَى يَزِيدَ سُلَيْمَانُ بْنُ هِشَامٍ، فَرَدَّ عَلَيْهِ يَزِيدُ مَا كَانَ الْوَلِيدُ أَخَذَهُ مِنْ أَمْوَالِهِمْ وَسَيَّرَهُ إِلَى أَخِيهِ مَسْرُورٍ وَمَنْ مَعَهُ وَأَمَرَهُمْ بِالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ لَهُ.
وَكَانَ أَهْلُ حِمْصَ يُرِيدُونَ الْمَسِيرَ إِلَى دِمَشْقَ، فَقَالَ لَهُمْ مَرْوَانُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ: أَرَى أَنْ تَسِيرُوا إِلَى هَذَا الْجَيْشِ فَتُقَاتِلُوهُمْ فَإِنْ ظَفِرْتُمْ بِهِمْ كَانَ مَنْ بَعْدَهُمْ أَهْوَنَ عَلَيْكُمْ، وَلَسْتُ أَرَى الْمَسِيرَ إِلَى دِمَشْقَ وَتَرْكَ هَؤُلَاءِ خَلْفَكُمْ. فَقَالَ السِّمْطُ بْنُ ثَابِتٍ: إِنَّمَا يُرِيدُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute