خِلَافَكُمْ وَهُوَ مُمَايِلٌ لِيَزِيدَ وَالْقَدَرِيَّةِ. فَقَتَلُوهُ وَقَتَلُوا ابْنَهُ وَوَلَّوْا أَبَا مُحَمَّدٍ السُّفْيَانِيَّ وَتَرَكُوا عَسْكَرَ سُلَيْمَانَ ذَاتَ الْيَسَارِ وَسَارُوا إِلَى دِمَشْقَ.
فَخَرَجَ سُلَيْمَانُ مُجِدًّا فَلَحِقَهُمْ بِالسُّلَيْمَانِيَّةِ، مَزْرَعَةٌ كَانَتْ لِسُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ خَلْفَ عَذْرَاءَ، وَأَرْسَلَ يَزِيدُ بْنُ الْوَلِيدِ عَبْدَ الْعَزِيزِ بْنَ الْحَجَّاجِ فِي ثَلَاثَةِ آلَافٍ إِلَى ثَنِيَّةِ الْعُقَابِ، وَأَرْسَلَ هِشَامَ بْنَ مَصَادٍ فِي أَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ إِلَى عُقْبَةِ السُّلَامِيَّةِ، وَأَمَرَهُمْ أَنْ يُمِدَّ بَعْضُهُمْ بَعْضًا. وَلَحِقَهُمْ سُلَيْمَانُ وَمَنْ مَعَهُ عَلَى تَعَبٍ، فَاقْتَتَلُوا قِتَالًا شَدِيدًا، فَانْهَزَمَتْ مَيْمَنَةُ سُلَيْمَانَ وَمَيْسَرَتُهُ وَثَبَتَ هُوَ فِي الْقَلْبِ، ثُمَّ حَمَلَ أَصْحَابُهُ عَلَى أَهْلِ حِمْصَ حَتَّى رَدُّوهُمْ إِلَى مَوْضِعِهِمْ وَحَمَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِرَارًا.
فَبَيْنَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ أَقْبَلَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْحَجَّاجِ مِنْ ثَنِيَّةِ الْعُقَابِ فَحَمَلَ عَلَى أَهْلِ حِمْصَ حَتَّى دَخَلَ عَسْكَرَهُمْ وَقَتَلَ فِيهِ مَنْ عَرَضَ لَهُ، فَانْهَزَمُوا، وَنَادَى يَزِيدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْقَسْرِيُّ: اللَّهَ اللَّهَ فِي قَوْمِكَ! فَكَفَّ النَّاسُ، وَدَعَاهُمْ سُلَيْمَانُ بْنُ هِشَامٍ إِلَى بَيْعَةِ يَزِيدَ بْنِ الْوَلِيدِ، وَأُخِذَ أَبُو مُحَمَّدٍ السُّفْيَانِيُّ أَسِيرًا، وَيَزِيدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ أَيْضًا، فَأُتِيَ بِهِمَا سُلَيْمَانُ، فَسَيَّرَهُمَا إِلَى يَزِيدَ فَحَبَسَهُمَا، وَاجْتَمَعَ أَمْرُ أَهْلِ دِمَشْقَ لِيَزِيدَ بْنِ الْوَلِيدِ، وَبَايَعَهُ أَهْلُ حِمْصَ، فَأَعْطَاهُمْ يَزِيدُ الْعَطَاءَ وَأَجَازَ الْأَشْرَافَ، وَاسْتَعْمَلَ عَلَيْهِمْ يَزِيدُ بْنُ الْوَلِيدِ مُعَاوِيَةَ بْنَ يَزِيدَ بْنِ الْحُصَيْنِ.
ذِكْرُ خِلَافِ أَهْلِ فِلَسْطِينَ
وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ وَثَبَ أَهْلُ فِلَسْطِينَ عَلَى عَامِلِهِمْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ فَطَرَدُوهُ، وَكَانَ قَدِ اسْتَعْمَلَهُ عَلَيْهِمُ الْوَلِيدُ، وَأَحْضَرُوا يَزِيدَ بْنَ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ فَجَعَلُوهُ عَلَيْهِمْ وَقَالُوا لَهُ: إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ قُتِلَ فَتَوَلَّ أَمْرَنَا. فَوَلِيَهُمْ وَدَعَا النَّاسَ إِلَى قِتَالِ يَزِيدَ، فَأَجَابُوهُ.
وَكَانَ وَلَدُ سُلَيْمَانَ يَنْزِلُونَ فِلَسْطِينَ، وَبَلَغَ أَهْلَ الْأُرْدُنِّ أَمْرُ أَهْلِ فِلَسْطِينَ فَوَلَّوْا عَلَيْهِمْ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ وَاجْتَمَعُوا مَعَهُمْ عَلَى قِتَالِ يَزِيدَ بْنِ الْوَلِيدِ، وَكَانَ أَمْرُ أَهْلِ فِلَسْطِينَ إِلَى سَعِيدِ بْنِ رَوْحٍ وَضِبْعَانَ بْنِ رَوْحٍ.
وَبَلَغَ خَبَرُهُمْ يَزِيدَ بْنَ الْوَلِيدِ فَسَيَّرَ إِلَيْهِمْ سُلَيْمَانَ بْنَ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ فِي أَهْلِ دِمَشْقَ وَأَهْلِ حِمْصَ الَّذِينَ كَانُوا مَعَ السُّفْيَانِيِّ، وَكَانَتْ عِدَّتُهُمْ أَرْبَعَةً وَثَمَانِينَ أَلْفًا، وَأَرْسَلَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute