سُوءًا، وَلَكِنْ خِفْتُ فَسَادًا مِنَ النَّاسِ فَأْتِنِي. فَقَالَ: لَوْلَا أَنَّكَ فِي مَنْزِلِي لَقَتَلْتُكَ، ارْجِعْ إِلَى ابْنِ الْأَقْطَعِ وَأَبْلِغْهُ مَا شِئْتَ مِنْ خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ. فَرَجَعَ إِلَى نَصْرٍ فَأَخْبَرَهُ، فَلَمْ يَزَلْ يُرْسِلُ إِلَيْهِ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى، فَكَانَ آخِرُ مَا قَالَ لَهُ الْكَرْمَانِيُّ: إِنِّي لَا آمَنُ أَنْ يَحْمِلَكَ قَوْمٌ عَلَى غَيْرِ مَا تُرِيدُ فَتَرَكَبَ مِنَّا مَا لَا بَقِيَّةَ بَعْدَهُ، فَإِنْ شِئْتَ خَرَجْتُ عَنْكَ لَا مِنْ هَيْبَةٍ لَكَ، وَلَكِنْ أَكْرَهُ أَنْ أَشْأَمَ أَهْلَ هَذِهِ الْبَلْدَةِ وَأَسَفِكَ الدِّمَاءَ فِيهَا. فَتَهَيَّأَ لِلْخُرُوجِ إِلَى جُرْجَانَ.
(الْمَعْنِيُّ: بِفَتْحِ الْمِيمِ، وَسُكُونِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ، وَبَعْدَهَا نُونٌ: قَبِيلَةٌ مِنَ الْأَزْدِ) .
ذِكْرُ خَبَرِ الْحَارِثِ بْنِ سُرَيْجٍ وَأَمَانِهِ
وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ أُومِنَ الْحَارِثُ بْنُ سُرَيْجٍ وَهُوَ بِبِلَادِ التُّرْكِ، وَكَانَ مُقَامُهُ عِنْدَهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً، وَأُمِرَ بِالْعَوْدِ إِلَى خُرَاسَانَ.
وَكَانَ السَّبَبُ فِي ذَلِكَ أَنَّ الْفِتْنَةَ لَمَّا وَقَعَتْ بِخُرَاسَانَ بَيْنَ نَصْرٍ وَالْكَرْمَانِيِّ خَافَ نَصْرٌ قُدُومَ الْحَارِثِ عَلَيْهِ فِي أَصْحَابِهِ وَالتُّرْكِ فَيَكُونُ أَشَدَّ عَلَيْهِ مِنَ الْكَرْمَانِيِّ وَغَيْرِهِ، وَطَمِعَ أَنْ يُنَاصِحَهُ، فَأَرْسَلَ مُقَاتِلَ بْنَ حَيَّانَ النَّبَطِيَّ وَغَيْرَهُ لِيَرُدُّوهُ عَنْ بِلَادِ التُّرْكِ. وَسَارَ خَالِدُ بْنُ زِيَادٍ التِّرْمِذِيُّ وَخَالِدُ بْنُ عَمْرٍو مَوْلَى بَنِي عَامِرٍ إِلَى يَزِيدَ بْنِ الْوَلِيدِ فَأَخَذَا لِلْحَارِثِ أَمَانًا، فَكَتَبَ لَهُ أَمَانَهُ، وَأَمَرَ نَصْرٌ أَنْ يُرَدَّ عَلَيْهِ مَا أُخِذَ لَهُ، وَأَمَرَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَامِلَ الْكُوفَةِ بِذَلِكَ أَيْضًا، فَأَخَذَا الْأَمَانَ وَسَارَا إِلَى الْكُوفَةِ ثُمَّ إِلَى خُرَاسَانَ، فَأَرْسَلَ نَصْرٌ إِلَيْهِ، فَلَقِيَهُ الرَّسُولُ وَقَدْ رَجَعَ مَعَ مُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ وَأَصْحَابِهِ، فَوَصَلَ إِلَى نَصْرٍ وَقَامَ بِمَرْوِ الرُّوذِ، وَرَدَّ نَصْرٌ عَلَيْهِ مَا أُخِذَ لَهُ. وَكَانَ عَوْدُهُ سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ.
ذِكْرُ شِيعَةِ بَنِي الْعَبَّاسِ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ وَجَّهَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْإِمَامُ أَبَا هَاشِمٍ بُكَيْرَ بْنَ مَاهَانَ إِلَى خُرَاسَانَ، وَبَعَثَ مَعَهُ بِالسِّيرَةِ وَالْوَصِيَّةِ، فَقَدِمَ مَرْوَ وَجَمَعَ النُّقَبَاءَ وَالدُّعَاةَ، فَنَعَى إِلَيْهِمْ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ وَدَعَاهُمْ إِلَى ابْنِهِ إِبْرَاهِيمَ وَدَفَعَ إِلَيْهِمْ كِتَابَهُ، فَقَبِلُوهُ وَدَفَعُوا إِلَيْهِ مَا اجْتَمَعَ عِنْدَهُمْ مِنْ نَفَقَاتِ الشِّيعَةِ، فَقَدِمَ بِهَا بُكَيْرٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute