للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذِكْرُ بَيْعَةِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْوَلِيدِ بِالْعَهْدِ

وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ أَمَرَ يَزِيدُ بْنُ الْوَلِيدِ بِالْبَيْعَةِ لِأَخِيهِ إِبْرَاهِيمَ، وَمِنْ بَعْدِهِ لِعَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ الْحَجَّاجِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ. وَكَانَ السَّبَبُ فِي ذَلِكَ أَنَّ يَزِيدَ مَرِضَ سَنَةَ سِتٍّ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ، فَقِيلَ لَهُ لِيُبَايِعَ لَهُمَا، وَلَمْ تَزَلِ الْقَدَرِيَّةُ بِيَزِيدَ حَتَّى أَمَرَ بِالْبَيْعَةِ لَهُمَا.

ذِكْرُ مُخَالَفَةِ مَرْوَانَ بْنِ مُحَمَّدٍ

وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ أَظْهَرَ مَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْخِلَافَ لِيَزِيدَ بْنِ الْوَلِيدِ.

وَكَانَ السَّبَبُ فِي ذَلِكَ أَنَّ الْوَلِيدَ لَمَّا قُتِلَ كَانَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ بْنِ مُحَمَّدٍ مَعَ الْغَمْرِ بْنِ يَزِيدَ أَخِي الْوَلِيدِ بِحَرَّانَ بَعْدَ انْصِرَافِهِ مِنَ الصَّائِفَةِ، وَكَانَ عَلَى الْجَزِيرَةِ عَبْدَةُ بْنُ الرَّيَّاحِ الْغَسَّانِيُّ عَامِلًا لِلْوَلِيدِ، فَلَمَّا قُتِلَ الْوَلِيدُ سَارَ عَبْدَةُ عَنْهَا إِلَى الشَّامِ، فَوَثَبَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَلَى حَرَّانَ وَالْجَزِيرَةِ فَضَبَطَهُمَا، وَكَتَبَ إِلَى أَبِيهِ بِإِرْمِينِيَّةَ يُعْلِمُهُ بِذَلِكَ وَيُشِيرُ عَلَيْهِ بِتَعْجِيلِ السَّيْرِ. فَتَهَيَّأَ مَرْوَانُ لِلْمَسِيرِ وَأَنْفَذَ إِلَى الثُّغُورِ مَنْ يَضْبُطُهَا وَيَحْفَظُهَا، وَأَظْهَرَ أَنَّهُ يَطْلُبُ بِدَمِ الْوَلِيدِ، وَسَارَ وَمَعَهُ الْجُنُودُ وَمَعَهُ ثَابِتُ بْنُ نُعَيْمٍ الْجُذَامِيُّ مِنْ أَهْلِ فِلَسْطِينَ.

وَسَبَبُ صُحْبَتِهِ لَهُ أَنَّ هِشَامًا كَانَ قَدْ حَبَسَهُ، وَسَبَبُ حَبْسِهِ أَنَّ هِشَامًا أَرْسَلَهُ إِلَى إِفْرِيقِيَّةَ لَمَّا قَتَلُوا عَامِلَهُ كُلْثُومَ بْنَ عِيَاضٍ فَأَفْسَدَ الْجُنْدَ، فَحَبَسَهُ هِشَامٌ، وَقَدِمَ مَرْوَانُ عَلَى هِشَامٍ فِي بَعْضِ وِفَادَاتِهِ فَشَفَعَ فِيهِ فَأَطْلَقَهُ فَاسْتَصْحَبَهُ مَعَهُ.

فَلَمَّا سَارَ مَرْوَانُ مَسِيرَهُ هَذَا أَمَرَ ثَابِتُ بْنُ نُعَيْمٍ مَنْ مَعَ مَرْوَانَ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ بِالِانْضِمَامِ إِلَيْهِ وَمُفَارَقَةِ مَرْوَانَ لِيَعُودُوا إِلَى الشَّامِ، فَأَجَابُوهُ إِلَى ذَلِكَ، فَاجْتَمَعَ مَعَهُ ضِعْفُ مَنْ مَعَ مَرْوَانَ وَبَاتُوا يَتَحَارَسُونَ، فَلَمَّا أَصْبَحُوا اصْطَفُّوا لِلْقِتَالِ، فَأَمَرَ مَرْوَانُ مُنَادِينَ يُنَادُونَ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ: يَا أَهْلَ الشَّامِ مَا دَعَاكُمْ إِلَى هَذَا؟ أَلَمْ أُحْسِنْ فِيكُمُ السِّيرَةَ؟ فَأَجَابُوهُ بِأَنَّا كُنَّا نُطِيعُكَ بِطَاعَةِ الْخَلِيفَةِ، وَقَدْ قُتِلَ وَبَايَعَ أَهْلُ الشَّامِ يَزِيدَ فَرَضِينَا بِوِلَايَةِ ثَابِتٍ لِيَسِيرَ بِنَا إِلَى أَجْنَادِنَا.

فَنَادَوْهُمْ: كَذَبْتُمْ فَإِنَّكُمْ لَا تُرِيدُونَ مَا قُلْتُمْ، وَإِنَّمَا تُرِيدُونَ أَنْ تَغْصِبُوا مَنْ مَرَرْتُمْ بِهِ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ أَمْوَالَهُمْ! وَمَا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ إِلَّا السَّيْفُ حَتَّى تَنْقَادُوا إِلَيَّ فَأَسِيرَ بِكُمْ إِلَى الْغَزَاةِ، ثُمَّ أَتْرُكَكُمْ تَلْحَقُونَ بِأَجْنَادِكُمْ. فَانْقَادُوا لَهُ، فَأَخَذَ ثَابِتَ بْنَ نُعَيْمٍ وَأَوْلَادَهُ وَحَبَسَهُمْ وَضَبَطَ الْجُنْدَ، حَتَّى بَلَغَ حَرَّانَ وَسَيَّرَهُمْ إِلَى الشَّامِ، وَدَعَا أَهْلَ الْجَزِيرَةِ (إِلَى الْفَرْضِ فَفَرَضَ

<<  <  ج: ص:  >  >>