السِّلَاحَ فِيمَنْ مَعَهُ، وَانْتَبَذَ لَهُمْ وَنَادَى خُيُولَهُ، فَرَجَعَتْ إِلَيْهِ، فَقَاتَلُوهُ مِنْ لَدُنْ ارْتِفَاعِ النَّهَارِ إِلَى بَعْدِ الْعَصْرِ، وَانْهَزَمَ أَصْحَابُ سُلَيْمَانَ، وَقُتِلَ مِنْهُمْ نَحْوٌ مِنْ سِتَّةِ آلَافٍ.
فَلَمَّا بَلَغَ سُلَيْمَانَ هَزِيمَتُهُمْ خَلَّفَ أَخَاهُ سَعِيدًا بِحِمْصَ وَمَضَى هُوَ إِلَى تَدْمُرَ فَأَقَامَ بِهَا، وَنَزَلَ مَرْوَانُ عَلَى حِمْصَ فَحَصَرَ أَهْلَهَا عَشَرَةَ أَشْهُرٍ، وَنَصَبَ عَلَيْهِمْ نَيِّفًا وَثَمَانِينَ مَنْجَنِيقًا يُرْمَى بِهَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ، وَهُمْ يَخْرُجُونَ إِلَيْهِ كُلَّ يَوْمٍ فَيُقَاتِلُونَهُ، وَرُبَّمَا بَيَّتُوا نَوَاحِيَ عَسْكَرِهِ. فَلَمَّا تَتَابَعَ عَلَيْهِمُ الْبَلَاءُ طَلَبُوا الْأَمَانَ عَلَى أَنْ يُمَكِّنُوهُ مِنْ سَعِيدِ بْنِ هِشَامٍ وَابْنَيْهِ وَعُثْمَانَ وَمَرْوَانَ وَمِنْ رَجُلٍ كَانَ يُسَمَّى السَّكْسَكِيَّ، كَانَ يُغِيرُ عَلَى عَسْكَرِهِ، وَمِنْ رَجُلٍ حَبَشِيٍّ كَانَ يَشْتُمُ مَرْوَانَ، وَكَانَ يَشُدُّ فِي ذَكَرِهِ ذَكَرَ حِمَارٍ ثُمَّ يَقُولُ: يَا بَنِي سُلَيْمٍ، يَا أَوْلَادَ كَذَا وَكَذَا هَذَا لِوَاؤُكُمْ. فَأَجَابَهُمْ إِلَى ذَلِكَ، فَاسْتَوْثَقَ مِنْ سَعِيدٍ وَابْنَيْهِ، وَقُتِلَ السَّكْسَكِيُّ وَسُلِّمَ الْحَبَشِيُّ إِلَى بَنِي سُلَيْمٍ فَقَطَعُوا ذَكَرَهُ وَأَنْفَهُ وَمَثَّلُوا بِهِ. فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ حِمْصَ سَارَ نَحْوَ الضَّحَّاكِ الْخَارِجِيِّ.
وَقِيلَ: إِنَّ سُلَيْمَانَ بْنَ هِشَامٍ لَمَّا انْهَزَمَ بِخُسَافَ أَقْبَلَ هَارِبًا حَتَّى صَارَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بِالْعِرَاقِ، فَخَرَجَ مَعَهُ إِلَى الضَّحَّاكِ فَبَايَعَهُ وَحَرَّضَ عَلَى مَرْوَانَ، فَقَالَ بَعْضُ شُعَرَائِهِمْ: أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَظْهَرَ دِينَهُ وَصَلَّتْ قُرَيْشٌ خَلْفَ بَكْرِ بْنِ وَائِلِ
فَلَمَّا رَأَى النَّضْرَ (بْنَ سَعِيدٍ الْحَرَشِيَّ، وَكَانَ قَدْ وَلِيَ الْعِرَاقَ، عَلَى مَا نَذْكُرُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ) ، ذَلِكَ عَلِمَ أَنَّهُ لَا طَاقَةَ لَهُ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، فَسَارَ إِلَى مَرْوَانَ، فَلَمَّا كَانَ بِالْقَادِسِيَّةِ خَرَجَ إِلَيْهِ ابْنُ مِلْجَانَ، خَلِيفَةُ الضَّحَّاكِ بِالْكُوفَةِ، فَقَاتَلَهُ، فَقَتَلَهُ النَّضْرُ، وَاسْتَعْمَلَ الضَّحَّاكُ عَلَى الْكُوفَةِ الْمُثَنَّى بْنَ عِمْرَانَ الْعَائِذِيَّ.
ثُمَّ سَارَ الضَّحَّاكُ فِي ذِي الْقَعْدَةِ إِلَى الْمَوْصِلِ، وَأَقْبَلَ ابْنُ هُبَيْرَةَ حَتَّى نَزَلَ بِعَيْنِ التَّمْرِ، فَسَارَ إِلَيْهِ الْمُثَنَّى بْنُ عِمْرَانَ فَاقْتَتَلُوا أَيَّامًا، فَقُتِلَ الْمُثَنَّى وَعِدَّةٌ مِنْ قُوَّادِ الضَّحَّاكِ وَانْهَزَمَتِ الْخَوَارِجُ وَمَعَهُمْ مَنْصُورُ بْنُ جُمْهُورٍ، وَأَتَوُا الْكُوفَةَ فَجَمَعُوا مَنْ بِهَا مِنْهُمْ، وَسَارُوا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute