نَحْوَ ابْنِ هُبَيْرَةَ فَلَقُوهُ، فَقَاتَلَهُمْ أَيَّامًا وَانْهَزَمَتِ الْخَوَارِجُ، وَأَتَى ابْنُ هُبَيْرَةَ إِلَى الْكُوفَةِ وَسَارَ إِلَى وَاسِطَ، وَلَمَّا بَلَغَ الضَّحَّاكَ مَا لَقِيَ أَصْحَابُهُ أَرْسَلَ عُبَيْدَةَ بْنَ سَوَّارٍ التَّغْلِبِيَّ إِلَيْهِمْ فَنَزَلَ الصَّرَاةَ، فَرَجَعَ ابْنُ هُبَيْرَةَ إِلَيْهِمْ فَالْتَقَوْا بِالصَّرَاةِ، وَسَيَرِدُ خَبَرُ خُرُوجِ الضَّحَّاكِ بَعْدَهَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
(الْحَرَشِيُّ: بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ، وَبِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ) .
ذِكْرُ خُرُوجِ الضَّحَّاكِ مُحَكِّمًا
وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ خَرَجَ الضَّحَّاكُ بْنُ قَيْسٍ الشَّيْبَانِيُّ مُحَكِّمًا وَدَخَلَ الْكُوفَةَ.
وَكَانَ سَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ الْوَلِيدَ حِينَ قُتِلَ خَرَجَ بِالْجَزِيرَةِ حَرُورِيٌّ يُقَالُ لَهُ: سَعِيدُ بْنُ بَهْدَلٍ الشَّيْبَانِيُّ فِي مِائَتَيْنِ مِنْ أَهْلِ الْجَزِيرَةِ فِيهِمُ الضَّحَّاكُ، فَاغْتَنَمَ قَتْلَ الْوَلِيدِ وَاشْتِغَالَ مَرْوَانَ بِالشَّامِ فَخَرَجَ بِأَرْضِ كَفَرْتُوثَا، وَخَرَجَ بِسْطَامٌ الْبَيْهَسِيُّ، وَهُوَ مُفَارِقٌ لِرَأْيِهِ، فِي مِثْلِ عُدَّتِهِمْ مِنْ رَبِيعَةَ، فَسَارَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إِلَى صَاحِبِهِ، فَلَمَّا تَقَارَبَا أَرْسَلَ سَعِيدُ بْنُ بَهْدَلٍ الْخَيْبَرِيَّ، وَهُوَ أَحَدُ قُوَّادِهِ، فِي مِائَةٍ وَخَمْسِينَ فَارِسًا، فَأَتَاهُمْ وَهُمْ غَارُّونَ، فَقَتَلُوا فِيهِمْ وَقَتَلُوا بِسْطَامًا وَجَمِيعَ مَنْ مَعَهُ إِلَّا أَرْبَعَةَ عَشَرَ رَجُلًا، ثُمَّ مَضَى سَعِيدُ بْنُ بَهْدَلٍ إِلَى الْعِرَاقِ لَمَّا بَلَغَهُ أَنَّ الِاخْتِلَافَ بِهَا، فَمَاتَ سَعِيدُ بْنُ بَهْدَلٍ فِي الطَّرِيقِ وَاسْتَخْلَفَ الضَّحَّاكَ بْنَ قَيْسٍ، فَبَايَعَهُ الشُّرَاةُ، فَأَتَى أَرْضَ الْمَوْصِلِ ثُمَّ شَهْرَزُورَ، وَاجْتَمَعَتْ إِلَيْهِ الصُّفْرِيَّةُ حَتَّى صَارَ فِي أَرْبَعَةِ آلَافٍ.
وَهَلَكَ يَزِيدُ بْنُ الْوَلِيدِ وَعَامِلُهُ عَلَى الْعِرَاقِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَمَرْوَانُ بِالْحِيرَةِ، فَكَتَبَ مَرْوَانُ إِلَى النَّضْرِ بْنِ سَعِيدٍ الْحَرَشِيِّ، وَهُوَ أَحَدُ قُوَّادِ ابْنِ عُمَرَ، بِوِلَايَةِ الْعِرَاقِ، فَلَمْ يُسَلِّمِ ابْنُ عُمَرَ إِلَيْهِ الْعَمَلَ، فَشَخَصَ النَّضْرُ إِلَى الْكُوفَةِ وَبَقِيَ ابْنُ عُمَرَ بِالْحِيرَةِ، فَتَحَارَبَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، وَأَمَدَّ مَرْوَانُ النَّضْرَ بِابْنِ الْغُزَيِّلِ، وَاجْتَمَعَتِ الْمُضَرِيَّةُ مَعَ النَّضْرِ عَصَبِيَّةً لِمَرْوَانَ حَيْثُ طَلَبَ بِدَمِ الْوَلِيدِ، وَكَانَتْ أُمُّ الْوَلِيدِ قَيْسِيَّةً مِنْ مُضَرَ، وَكَانَ أَهْلُ الْيَمَنِ مَعَ ابْنِ عُمَرَ عَصَبِيَّةً لَهُ، حَيْثُ كَانُوا مَعَ يَزِيدَ فِي قَتْلِ الْوَلِيدِ حِينَ أَسْلَمَ خَالِدًا الْقَسْرِيَّ إِلَى يُوسُفَ فَقَتَلَهُ.
فَلَمَّا سَمِعَ الضَّحَّاكُ بِاخْتِلَافِهِمْ أَقْبَلَ نَحْوَهُمْ وَقَصَدَ الْعِرَاقَ سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute