للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَيْنَا. فَقَالَ يَزِيدُ: هُوَ وَاللَّهِ مَا ظَنَنْتَ، وَقَدِ اسْتَحْلَفُونِي أَنْ لَا أَكْذِبَ عَلَيْهِمْ، وَأَنَا أَقُولُ: إِنَّهُمْ وَاللَّهِ يُصَلُّونَ الصَّلَاةَ لِمَوَاقِيتِهَا بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ، وَيَتْلُونَ الْقُرْآنَ، وَيَذْكُرُونَ اللَّهَ كَثِيرًا، وَيَدْعُونَ إِلَى وِلَايَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَا أَحْسَبُ أَمْرَهُمْ إِلَّا سَيَعْلُو، وَلَوْلَا أَنَّكَ مَوْلَايَ لَمَا رَجَعْتُ إِلَيْكَ وَلَأَقَمْتُ مَعَهُمْ. فَهَذِهِ أَوَّلُ حَرْبٍ كَانَتْ بَيْنَهُمْ.

وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ غَلَبَ خَازِمُ بْنُ خُزَيْمَةَ عَلَى مَرْوِ الرُّوذِ وَقَتَلَ عَامِلَ نَصْرِ بْنِ سَيَّارٍ.

وَكَانَ سَبَبُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا أَرَادَ الْخُرُوجَ بِمَرْوِ الرُّوذِ، وَهُوَ مِنْ شِيعَةِ بَنِي الْعَبَّاسِ، مَنَعَهُ بَنُو تَمِيمٍ، فَقَالَ: إِنَّمَا أَنَا رَجُلٌ مِنْكُمْ أُرِيدُ أَنْ أَغْلِبَ عَلَى مَرْوَ، فَإِنْ ظَفِرْتُ فَهِيَ لَكُمْ، وَإِنْ قُتِلْتُ فَقَدْ كُفِيتُمْ أَمْرِي. فَكَفُّوا عَنْهُ، فَعَسْكَرَ بِقَرْيَةٍ يُقَالُ لَهَا كُنْجَ رُسْتَاقَ، وَقَدِمَ عَلَيْهِ مِنْ عِنْدِ أَبِي مُسْلِمٍ النَّضْرُ بْنُ صُبَيْحٍ، فَلَمَّا أَمْسَى خَازِمٌ بَيَّتَ أَهْلَ مَرْوَ فَقَتَلَ بِشْرَ بْنَ جَعْفَرٍ السَّعْدِيَّ عَامِلَ نَصْرِ بْنِ سَيَّارٍ عَلَيْهَا فِي أَوَّلِ ذِي الْقَعْدَةِ، وَبَعَثَ بِالْفَتْحِ إِلَى أَبِي مُسْلِمٍ مَعَ ابْنِهِ خُزَيْمَةَ بْنِ خَازِمٍ.

وَقَدْ قِيلَ فِي أَمْرِ أَبِي مُسْلِمٍ غَيْرُ مَا ذَكَرْنَا، وَالَّذِي قِيلَ: إِنَّ إِبْرَاهِيمَ الْإِمَامَ زَوَّجَ أَبَا مُسْلِمٍ لَمَّا تَوَجَّهَ إِلَى خُرَاسَانَ ابْنَةَ أَبِي النَّجْمِ وَسَاقَ عَنْهُ صَدَاقَهَا، وَكَتَبَ إِلَى النُّقَبَاءِ بِالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ، وَكَانَ أَبُو مُسْلِمٍ مِنْ أَهْلِ خُطَرْنِيَّةَ مِنْ سَوَادِ الْكُوفَةِ، وَكَانَ قَهْرَمَانًا لِإِدْرِيسَ بْنِ مَعْقِلٍ الْعِجْلِيِّ، فَصَارَ أَمْرُهُ وَمُنْتَهَى وَلَائِهِ لِمُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، ثُمَّ لِابْنِهِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدٍ، ثُمَّ لِلْأَئِمَّةِ مِنْ وَلَدِ مُحَمَّدٍ، فَقَدِمَ خُرَاسَانَ وَهُوَ حَدِيثُ السِّنِّ، فَلَمْ يَقْبَلْهُ سُلَيْمَانُ بْنُ كَثِيرٍ وَخَافَ أَنْ لَا يَقْوَى عَلَى أَمْرِهِمْ فَرَدَّهُ.

وَكَانَ أَبُو دَاوُدَ خَالِدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ غَائِبًا خَلْفَ نَهْرِ بَلْخٍ، فَلَمَّا رَجَعَ إِلَى مَرْوَ أَقْرَءُوهُ كِتَابَ الْإِمَامِ إِبْرَاهِيمَ، فَسَأَلَ عَنْ أَبِي مُسْلِمٍ، فَأَخْبَرُوهُ أَنَّ سُلَيْمَانَ بْنَ كَثِيرٍ رَدَّهُ، فَجَمَعَ النُّقَبَاءَ وَقَالَ لَهُمْ: أَتَاكُمْ كِتَابُ الْإِمَامِ فِيمَنْ بَعَثَهُ إِلَيْكُمْ فَرَدَدْتُمُوهُ، فَمَا حُجَّتُكُمْ؟ فَقَالَ سُلَيْمَانُ: حَدَاثَةُ سِنِّهِ وَتَخَوُّفًا أَنْ لَا يَقْدِرَ عَلَى هَذَا الْأَمْرِ، فَخِفْنَا عَلَى مَنْ دَعَوْنَا وَعَلَى أَنْفُسِنَا. فَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: هَلْ فِيكُمْ أَحَدٌ يُنْكِرُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى بَعَثَ مُحَمَّدًا، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَاصْطَفَاهُ وَبَعَثَهُ إِلَى جَمِيعِ

<<  <  ج: ص:  >  >>