للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَقَالَ أَبُو مُسْلِمٍ: أَنَا أَقْتُلُهُمَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ. فَأَتَوْا نَصْرًا فَأَخْبَرُوهُ، فَقَالَ: جَزَاكُمُ اللَّهُ خَيْرًا، مِثْلُكُمْ مَنْ يَفْتَقِدُ هَذَا وَيَعْرِفُهُ. وَأَتَوْا شَيْبَانَ فَأَعْلَمُوهُ فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ نَصْرٌ: إِنَّا قَدْ أَشْجَى بَعْضُنَا بَعْضًا، فَاكْفُفْ عَنِّي حَتَّى أُقَاتِلَهُ، وَإِنْ شِئْتَ فَجَامِعْنِي إِلَى حَرْبِهِ حَتَّى أَقْتُلَهُ أَوْ أَنْفِيَهُ ثُمَّ نَعُودُ إِلَى أَمْرِنَا الَّذِي نَحْنُ عَلَيْهِ. فَهَمَّ شَيْبَانُ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ، فَأَتَى الْخَبَرُ أَبَا مُسْلِمٍ، فَكَتَبَ إِلَى عَلِيِّ بْنِ الْكَرْمَانِيِّ: إِنَّكَ مَوْتُورٌ قُتِلَ أَبُوكَ، وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّكَ لَسْتَ عَلَى رَأْيِ شَيْبَانَ، وَإِنَّمَا تُقَاتِلُ لِثَأْرِكَ. فَامْتَنَعَ شَيْبَانُ مِنْ صُلْحِ نَصْرٍ. فَدَخَلَ عَلَى شَيْبَانَ فَثَنَاهُ عَنْ رَأْيِهِ، فَأَرْسَلَ نَصْرٌ إِلَى شَيْبَانَ: إِنَّكَ لَمَغْرُورٌ، وَاللَّهِ لَيَتَفَاقَمَنَّ هَذَا الْأَمْرُ حَتَّى يَسْتَصْغِرَنِي فِي جَنْبِهِ كُلُّ كَبِيرٍ، وَقَالَ شِعْرًا يُخَاطِبُ بِهِ رَبِيعَةَ وَالْيَمَنَ وَيَحُثُّهُمْ عَلَى الِاتِّفَاقِ مَعَهُ عَلَى حَرْبِ أَبِي مُسْلِمٍ:

أَبْلِغْ رَبِيعَةَ فِي مَرْوٍ وَفِي يَمَنٍ ... أَنِ اغْضَبُوا قَبْلَ أَنْ لَا يَنْفَعَ الْغَضَبُ

مَا بَالُكُمْ تُنْشِبُونَ الْحَرْبَ بَيْنَكُمُ ... كَأَنَّ أَهْلَ الْحِجَى عَنْ رَأْيِكُمْ غُيُبُ

وَتَتْرُكُونَ عَدُوًّا قَدْ أَحَاطَ بِكُمْ ... مِمَّنْ تَأَشَّبَ لَا دِينٌ وَلَا حَسَبُ

لَا عَرَبَ مِثْلُكُمُ فِي النَّاسِ نَعْرِفُهُمْ ... وَلَا صَرِيحَ مَوَالٍ إِنْ هُمُ نُسِبُوا

مَنْ كَانَ يَسْأَلُنِي عَنْ أَصْلِ دِينِهِمُ ... فَإِنَّ دِينَهُمُ أَنْ تَهْلِكَ الْعَرَبُ

قَوْمٌ يَقُولُونَ قَوْلًا مَا سَمِعْتُ بِهِ ... عَنِ النَّبِيِّ وَلَا جَاءَتْ بِهِ الْكُتُبُ

<<  <  ج: ص:  >  >>