وُلِدَ فِي خَوْفِهِ وَهُوَ مَعَ جَارِيَةٍ لَهُ فَسَقَطَ مِنَ الْجَبَلِ فَتَقَطَّعَ، فَقَالَ مُحَمَّدٌ:
مُنْخَرِقُ السِّرْبَالِ يَشْكُو الْوَجَى ... تَنْكُبُهُ أَطْرَافُ مَرْوِ حِدَادْ
شَرَّدَهُ الْخَوْفُ فَأَزْرَى بِهِ ... كَذَاكَ مَنْ يَكْرَهُ حَرَّ الْجِلَادْ
قَدْ كَانَ فِي الْمَوْتِ لَهُ رَاحَةٌ ... وَالْمَوْتُ حَتْمٌ فِي رِقَابِ الْعِبَادْ.
وَبَيْنَا رِيَاحٌ يَسِيرُ فِي الْحَرَّةِ إِذْ لَقِيَ مُحَمَّدًا، فَعَدَلَ مُحَمَّدٌ إِلَى بِئْرٍ هُنَاكَ فَجَعَلَ يَسْتَقِي، فَقَالَ رِيَاحٌ: قَاتَلَهُ اللَّهُ أَعْرَابِيًّا مَا أَحْسَنَ ذِرَاعَهُ! .
ذِكْرُ حَبْسِ أَوْلَادِ الْحَسَنِ
قَدْ ذَكَرْنَا قَبْلُ أَنَّ الْمَنْصُورَ حَبَسَهُمْ، وَقَدْ قِيلَ أَيْضًا إِنَّ رِيَاحًا هُوَ الَّذِي حَبَسَهُمْ.
قَالَ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَلِيٍّ: حَضَرْنَا بَابَ رِيَاحٍ فِي الْمَقْصُورَةِ، فَقَالَ الْآذِنُ: مَنْ كَانَ هَاهُنَا مِنْ بَنِي الْحُسَيْنِ فَلْيَدْخُلْ. فَدَخَلُوا مِنْ بَابِ الْمَقْصُورَةِ، وَخَرَجُوا مِنْ بَابِ مَرْوَانَ. ثُمَّ قَالَ: مَنْ هَاهُنَا مِنْ بَنِي الْحَسَنِ فَلْيَدْخُلْ. فَدَخَلُوا مِنْ بَابِ الْمَقْصُورَةِ، وَدَخَلَ الْحَدَّادُونَ مِنْ بَنِي مَرْوَانَ، فَدَعَا بِالْقُيُودِ فَقَيَّدَهُمْ وَحَبَسَهُمْ.
وَكَانُوا: عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْحَسَنِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، وَالْحَسَنَ وَإِبْرَاهِيمَ ابْنَيِ الْحَسَنِ بْنِ الْحَسَنِ، وَجَعْفَرَ بْنَ الْحَسَنِ بْنِ الْحَسَنِ، وَسُلَيْمَانَ وَعَبْدَ اللَّهِ ابْنَيْ دَاوُدَ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْحَسَنِ، وَمُحَمَّدًا وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ بَنِي إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْحَسَنِ، وَعَبَّاسَ بْنَ الْحَسَنِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، وَمُوسَى بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْحَسَنِ.
فَلَمَّا حَبَسَهُمْ لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْعَابِدُ. فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ بَعْدَ الصُّبْحِ إِذْ قَدْ أَقْبَلَ رَجُلٌ مُتَلَفِّفٌ، فَقَالَ لَهُ رِيَاحٌ: مَرْحَبًا بِكَ، مَا حَاجَتُكَ؟ قَالَ: جِئْتُكَ لِتَحْبِسَنِي مَعَ قَوْمِي، فَإِذَا هُوَ عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ الْحَسَنِ، فَحَبَسَهُ مَعَهُمْ.
وَكَانَ مُحَمَّدٌ قَدْ أَرْسَلَ ابْنَهُ عَلِيًّا إِلَى مِصْرَ يَدْعُو إِلَيْهِ، فَبَلَغَ خَبَرُهُ عَامِلَ مِصْرَ، وَقِيلَ: إِنَّهُ عَلَى الْوُثُوبِ بِكَ وَالْقِيَامِ عَلَيْكَ بِمَنْ شَايَعَهُ، فَقَبَضَهُ وَأَرْسَلَهُ إِلَى الْمَنْصُورِ، فَاعْتَرَفَ لَهُ وَسَمَّى أَصْحَابَ أَبِيهِ، وَكَانَ فِيمَنْ سَمَّى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الْمَوَالِي، وَأَبُو حُبَيْرٍ،