فَدَعَاهُ إِلَى بَيْعَتِهِ، فَقَالَ: يَا ابْنَ أَخِي أَنْتَ وَاللَّهِ مَقْتُولٌ فَكَيْفَ أُبَايِعُكَ؟ فَارْتَدَعَ النَّاسُ عَنْهُ قَلِيلًا.
وَكَانَ بَنُو مُعَاوِيَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ قَدْ أَسْرَعُوا إِلَى مُحَمَّدٍ، فَأَتَتْ حَمَّادَةُ بِنْتُ مُعَاوِيَةَ إِلَى إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَقَالَتْ لَهُ: يَا عَمِّ إِنَّ إِخْوَتِي قَدْ أَسْرَعُوا إِلَى ابْنِ خَالِهِمْ، وَإِنَّكَ إِنْ قُلْتَ هَذِهِ الْمَقَالَةَ ثَبَّطْتَ النَّاسَ عَنْهُ، فَيُقْتَلُ ابْنُ خَالِي وَإِخْوَتِي. فَأَبَى إِسْمَاعِيلُ إِلَّا النَّهْيَ عَنْهُ.
فَيُقَالُ: إِنَّ حَمَّادَةَ عَدَتْ عَلَيْهِ فَقَتَلَتْهُ، فَأَرَادَ مُحَمَّدٌ الصَّلَاةَ عَلَيْهِ فَمَنَعَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِسْمَاعِيلَ وَقَالَ: أَتَأْمُرُ بِقَتْلِ أَبِي وَتُصَلِّي عَلَيْهِ؟ فَنَحَّاهُ الْحَرَسُ وَصَلَّى عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ.
وَلَمَّا ظَهَرَ مُحَمَّدٌ كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ الْقَسْرِيُّ بِالْمَدِينَةِ فِي حَبْسِ رِيَاحٍ فَأَطْلَقَهُ.
وَقَالَ ابْنُ خَالِدٍ: فَلَمَّا سَمِعْتُ دَعْوَتَهُ الَّتِي دَعَا إِلَيْهَا عَلَى الْمِنْبَرِ قُلْتُ: هَذِهِ دَعْوَةُ حَقٍّ، وَاللَّهِ لَأُبْلِيَنَّ لِلَّهِ فِيهَا بَلَاءً حَسَنًا. فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّكَ قَدْ خَرَجْتَ بِهَذَا الْبَلَدِ، وَاللَّهِ لَوْ وَقَفَ عَلَى نَقْبٍ مِنْ أَنْقَابِهِ أَحَدٌ لَمَاتَ أَهْلُهُ جُوعًا وَعَطَشًا، فَانْهَضْ مَعِي فَإِنَّمَا هِيَ عَشْرٌ حَتَّى أَضْرِبَهُ بِمِائَةِ أَلْفِ سَيْفٍ.
فَأَبَى عَلَيَّ، فَبَيْنَا أَنَا عِنْدَهُ إِذْ قَالَ: مَا وَجَدْنَا مِنْ خَيْرِ الْمَتَاعِ شَيْئًا أَجْوَدَ مِنْ شَيْءٍ وَجَدْنَاهُ عِنْدَ ابْنِ أَبِي فَرْوَةَ خَتَنِ أَبِي الْخَصِيبِ، وَكَانَ انْتَبَهَ، قَالَ: فَقُلْتُ: أَلَا أَرَاكَ قَدْ أَبْصَرْتَ خَيْرَ الْمَتَاعِ! فَكَتَبْتُ إِلَى الْمَنْصُورِ فَأَخْبَرْتُهُ بِقِلَّةِ مَنْ مَعَهُ، فَأَخَذَنِي مُحَمَّدٌ فَحَبَسَنِي حَتَّى أَطْلَقَنِي عِيسَى بْنُ مُوسَى بَعْدَ قَتْلِهِ بِأَيَّامٍ.
وَكَانَ رَجُلٌ مِنْ آلِ أُوَيْسِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ الْعَامِرِيِّ، عَامِرُ بْنُ لُؤَيٍّ، اسْمُهُ الْحُسَيْنُ بْنُ صَخْرٍ بِالْمَدِينَةِ لَمَّا ظَهَرَ مُحَمَّدٌ، فَسَارَ مِنْ سَاعَتِهِ إِلَى الْمَنْصُورِ فَبَلَغَهُ فِي تِسْعَةِ أَيَّامٍ، فَقَدِمَ لَيْلًا، فَقَامَ عَلَى أَبْوَابِ الْمَدِينَةِ فَصَاحَ حَتَّى عَلِمُوا بِهِ وَأَدْخَلُوهُ، فَقَالَ الرَّبِيعُ: مَا حَاجَتُكَ هَذِهِ السَّاعَةَ وَأَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ نَائِمٌ؟ قَالَ: لَا بُدَّ لِي مِنْهُ.
فَدَخَلَ عَلَيْهِ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ خَرَجَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بِالْمَدِينَةِ! قَالَ: قَتَلْتَهُ وَاللَّهِ إِنْ كُنْتَ صَادِقًا، أَخْبِرْنِي مَنْ مَعَهُ. فَسَمَّى لَهُ مَنْ مَعَهُ مِنْ وُجُوهِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَأَهْلِ بَيْتِهِ. قَالَ: أَنْتَ رَأَيْتَهُ وَعَايَنْتَهُ؟ قَالَ: أَنَا رَأَيْتُهُ وَعَايَنْتُهُ وَكَلَّمْتُهُ عَلَى مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَالِسًا، فَأَدْخَلَهُ أَبُو
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute