جَعْفَرٍ بَيْتًا، فَلَمَّا أَصْبَحَ جَاءَ رَسُولٌ لِسَعِيدِ بْنِ دِينَارٍ غُلَامِ عِيسَى بْنِ مُوسَى يَلِي أَمْوَالَهُ بِالْمَدِينَةِ فَأَخْبَرَهُ بِأَمْرِ مُحَمَّدٍ، وَتَوَاتَرَتْ عَلَيْهِ أَخْبَارُهُ، فَأَخْرَجَ الْأُوَيْسِيَّ، فَقَالَ: لَأُوَطِّئِنَّ الرِّجَالَ عَقِبَيْكَ وَلَأُغْنِيَنَّكَ! فَأَمَرَ لَهُ بِتِسْعَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ لِكُلِّ لَيْلَةٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ.
وَأَشْفَقَ مِنْ مُحَمَّدٍ، فَقَالَ لَهُ الْحَارِثِيُّ الْمُنَجِّمُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، مَا يُجْزِعُكَ مِنْهُ؟ وَاللَّهِ لَوْ مَلَكَ الْأَرْضَ مَا لَبِثَ إِلَّا تِسْعِينَ يَوْمًا.
فَأَرْسَلَ الْمَنْصُورُ إِلَى عَمِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيٍّ، وَهُوَ مَحْبُوسٌ: إِنَّ هَذَا الرَّجُلَ قَدْ خَرَجَ فَإِنْ كَانَ عِنْدَكَ رَأْيٌ فَأَشِرْ بِهِ عَلَيْنَا، وَكَانَ ذَا رَأْيٍ عِنْدَهُمْ، فَقَالَ: إِنَّ الْمَحْبُوسَ مَحْبُوسُ الرَّأْيِ. فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ الْمَنْصُورُ: لَوْ جَاءَنِي حَتَّى يَضْرِبَ بَابِي مَا أَخْرَجْتُكَ، وَأَنَا خَيْرٌ لَكَ مِنْهُ، وَهُوَ مَلِكُ أَهْلِ بَيْتِكَ.
فَأَعَادَ عَلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ: ارْتَحِلِ السَّاعَةَ حَتَّى تَأْتِيَ الْكُوفَةَ فَاجْثُمْ عَلَى أَكْبَادِهِمْ، فَإِنَّهُمْ شِيعَةُ أَهْلِ هَذَا الْبَيْتِ وَأَنْصَارُهُمْ، ثُمَّ احْفُفْهَا بِالْمَسَالِحِ، فَمَنْ خَرَجَ مِنْهَا إِلَى وَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ أَوْ أَتَاهَا مِنْ وَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ فَاضْرِبْ عُنُقَهُ، وَابْعَثْ إِلَى سَلْمِ بْنِ قُتَيْبَةَ يَنْحَدِرُ إِلَيْكَ، وَكَانَ بِالرَّيِّ، وَاكْتُبْ إِلَى أَهْلِ الشَّامِ فَمُرْهُمْ أَنْ يَحْمِلُوا إِلَيْكَ مِنْ أَهْلِ الْبَأْسِ وَالنَّجْدَةِ مَا حَمَلَ الْبَرِيدُ فَأَحْسِنْ جَوَائِزَهُمْ وَوَجِّهْهُمْ مَعَ سَلْمٍ. فَفَعَلَ.
وَقِيلَ: أَرْسَلَ الْمَنْصُورُ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ مَعَ إِخْوَتِهِ يَسْتَشِيرُونَهُ فِي أَمْرِ مُحَمَّدٍ، وَقَالَ لَهُمْ: لَا يَعْلَمُ عَبْدُ اللَّهِ أَنِّي أَرْسَلْتُكُمْ إِلَيْهِ. فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ قَالَ: لِأَمْرٍ مَا جِئْتُمْ، مَا جَاءَ بِكُمْ جَمِيعًا وَقَدْ هَجَرْتُمُونِي مُذْ دَهْرٍ؟ قَالُوا: إِنَّا اسْتَأْذَنَّا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَأَذِنَ لَنَا. قَالَ: لَيْسَ هَذَا بِشَيْءٍ، فَمَا الْخَبَرُ؟ قَالُوا: خَرَجَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ. قَالَ: فَمَا تَرَوْنَ ابْنَ سَلَّامَةَ صَانِعًا؟ يَعْنِي الْمَنْصُورَ. قَالُوا: لَا نَدْرِي وَاللَّهِ. قَالَ: إِنَّ الْبُخْلَ قَدْ قَتَلَهُ، فَمُرُوهُ فَلْيُخْرِجِ الْأَمْوَالَ وَلْيُعْطِ الْأَجْنَادَ، فَإِنْ غَلَبَ فَمَا أَسْرَعَ مَا يَعُودُ إِلَيْهِ مَالُهُ، وَإِنْ غُلِبَ لَمْ يَقْدَمْ صَاحِبُهُ عَلَى دِينَارٍ وَلَا دِرْهَمٍ.
وَلَمَّا وَرَدَ الْخَبَرُ عَلَى الْمَنْصُورِ بِخُرُوجِ مُحَمَّدٍ كَانَ الْمَنْصُورُ قَدْ خَطَّ مَدِينَةَ بَغْدَادَ بِالْقَصَبِ، فَسَارَ إِلَى الْكُوفَةِ وَمَعَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الرَّبِيعِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْمِدَادِ،، فَقَالَ لَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute