{إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} [القصص: ٥٦] . وَلَقَدْ بَعَثَ اللَّهُ مُحَمَّدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَهُ عُمُومَةٌ أَرْبَعَةٌ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ، عَزَّ وَجَلَّ: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} [الشعراء: ٢١٤] فَأَنْذَرَهُمْ وَدَعَاهُمْ، فَأَجَابَ اثْنَانِ، أَحَدُهُمَا أَبِي، وَأَبَى اثْنَانِ، أَحَدُهُمَا أَبُوكَ، فَقَطَعَ اللَّهُ وِلَايَتَهُمَا مِنْهُ وَلَمْ يَجْعَلْ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمَا إِلًّا وَلَا ذِمَّةً وَلَا مِيرَاثًا.
وَزَعَمْتَ أَنَّكَ ابْنُ أَخَفِّ أَهْلِ النَّارِ عَذَابًا وَابْنُ خَيْرِ الْأَشْرَارِ، وَلَيْسَ فِي الْكُفْرِ بِاللَّهِ صَغِيرٌ، وَلَا فِي عَذَابِ اللَّهِ خَفِيفٌ وَلَا يَسِيرٌ، وَلَيْسَ فِي الشَّرِّ خِيَارٌ، وَلَا يَنْبَغِي لِمُؤْمِنٍ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ أَنْ يَفْخَرَ بِالنَّارِ، وَسَتَرِدُ فَتَعْلَمُ {وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا} [الشعراء: ٢٢٧] الْآيَةَ.
وَأَمَّا أَمْرُ حَسَنٍ وَأَنَّ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ وَلَدَهُ مَرَّتَيْنِ وَأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَدَكَ مَرَّتَيْنِ، فَخَيْرُ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَمْ يَلِدْهُ هَاشِمٌ إِلَّا مَرَّةً، وَلَا عَبْدُ الْمُطَّلِبِ إِلَّا مَرَّةً. وَزَعَمْتَ أَنَّكَ أَوْسَطُ بَنِي هَاشِمٍ وَأَصْرَحُهُمْ أُمًّا وَأَبًا، وَأَنَّهُ لَمْ يَلِدْكَ الْعَجَمُ وَلَمْ تُعَرِّقْ فِيكَ أُمَّهَاتُ الْأَوْلَادِ، فَقَدْ رَأَيْتُكَ فَخَرْتَ عَلَى بَنِي هَاشِمٍ طُرًّا، فَانْظُرْ، وَيْحَكَ، أَيْنَ أَنْتَ مِنَ اللَّهِ غَدًا! فَإِنَّكَ قَدْ تَعَدَّيْتَ طَوْرَكَ وَفَخَرْتَ عَلَى مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْكَ نَفْسًا وَأَبًا وَأَوْلَادًا وَأَخًا إِبْرَاهِيمُ ابْنُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
وَمَا خِيَارُ بَنِي أَبِيكَ خَاصَّةً وَأَهْلُ الْفَضْلِ مِنْهُمْ إِلَّا بَنُو أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ، مَا وُلِدَ فِيكُمْ بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَفْضَلُ مِنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، وَهُوَ لِأُمِّ وَلَدٍ، وَلَهُوَ خَيْرٌ مِنْ جَدِّكَ حَسَنِ بْنِ حَسَنٍ، وَمَا كَانَ فِيكُمْ بَعْدَهُ مِثْلُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، وَجَدَّتُهُ أُمُّ وَلَدٍ، وَلَهُوَ خَيْرٌ مِنْ أَبِيكَ، وَلَا مِثْلُ ابْنِهِ جَعْفَرٍ وَجَدَّتُهُ أُمُّ وَلَدٍ، وَهُوَ خَيْرٌ مِنْكَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute