وَأَمَّا قَوْلُكَ إِنَّكُمْ بَنُو رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ فِي كِتَابِهِ: {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ} [الأحزاب: ٤٠] وَلَكِنَّكُمْ بَنُو بِنْتِهِ، وَإِنَّهَا لَقَرَابَةٌ قَرِيبَةٌ، وَلَكِنَّهَا لَا يَجُوزُ لَهَا الْمِيرَاثُ، وَلَا تَرِثُ الْوِلَايَةَ، وَلَا يَجُوزُ لَهَا الْإِمَامَةُ، فَكَيْفَ تُورَثُ بِهَا؟ وَلَقَدْ طَلَبَهَا أَبُوكَ بِكُلِّ وَجْهٍ فَأَخْرَجَ فَاطِمَةَ نَهَارًا، وَمَرَّضَهَا سِرًّا، وَدَفَنَهَا لَيْلًا، فَأَبَى النَّاسُ إِلَّا الشَّيْخَيْنِ، وَلَقَدْ جَاءَتِ السُّنَّةُ الَّتِي لَا اخْتِلَافَ فِيهَا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ أَنَّ الْجَدَّ أَبَا الْأُمِّ وَالْخَالَ وَالْخَالَةَ لَا يُورَثُونَ.
وَأَمَّا مَا فَخَرْتَ بِهِ مِنْ عَلِيٍّ وَسَابِقَتِهِ، فَقَدْ حَضَرَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْوَفَاةُ فَأَمَرَ غَيْرَهُ بِالصَّلَاةِ ثُمَّ أَخَذَ النَّاسُ رَجُلًا بَعْدَ رَجُلٍ فَلَمْ يَأْخُذُوهُ، وَكَانَ فِي السِّتَّةِ فَتَرَكُوهُ كُلُّهُمْ دَفْعًا لَهُ عَنْهَا، وَلَمْ يَرَوْا لَهُ حَقًّا فِيهَا.
وَأَمَّا عَبْدُ الرَّحْمَنِ فَقَدَّمَ عَلَيْهِ عُثْمَانَ وَهُوَ لَهُ مُتَّهِمٌ، وَقَاتَلَهُ طَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ، وَأَبَى سَعْدٌ بَيْعَتَهُ فَأَغْلَقَ بَابَهُ دُونَهُ، ثُمَّ بَايَعَ مُعَاوِيَةَ بَعْدَهُ، ثُمَّ طَلَبَهَا بِكُلِّ وَجْهٍ وَقَاتَلَ عَلَيْهَا وَتَفَرَّقَ عَنْهُ أَصْحَابُهُ وَشَكَّ فِيهِ شِيعَتُهُ قَبْلَ الْحُكُومَةِ، ثُمَّ حَكَّمَ حَكَمَيْنِ رَضِيَ بِهِمَا، وَأَعْطَاهُمَا عَهْدَ اللَّهِ وَمِيثَاقَهُ، فَاجْتَمَعَا عَلَى خَلْعِهِ، ثُمَّ كَانَ حَسَنٌ فَبَاعَهَا مِنْ مُعَاوِيَةَ بِخِرَقٍ وَدَرَاهِمَ، وَلَحِقَ بِالْحِجَازِ، وَأَسْلَمَ شِيعَتَهُ بِيَدِ مُعَاوِيَةَ، وَدَفَعَ الْأَمْرَ إِلَى غَيْرِ أَهْلِهِ، وَأَخَذَ مَالًا مِنْ غَيْرِ وَلَائِهِ وَلَا حِلِّهِ، فَإِنْ كَانَ لَكُمْ فِيهَا شَيْءٌ فَقَدْ بِعْتُمُوهُ وَأَخَذْتُمْ ثَمَنَهُ.
ثُمَّ خَرَجَ عَمُّكَ حُسَيْنٌ عَلَى ابْنِ مَرْجَانَةَ، فَكَانَ النَّاسُ مَعَهُ عَلَيْهِ حَتَّى قَتَلُوهُ، وَأَتَوْا بِرَأْسِهِ إِلَيْهِ، ثُمَّ خَرَجْتُمْ عَلَى بَنِي أُمَيَّةَ فَقَتَلُوكُمْ وَصَلَبُوكُمْ عَلَى جُذُوعِ النَّخْلِ، وَأَحْرَقُوكُمْ بِالنِّيرَانِ، وَنَفَوْكُمْ مِنَ الْبُلْدَانِ، حَتَّى قُتِلَ يَحْيَى بْنُ زَيْدٍ بِخُرَاسَانَ، وَقَتَلُوا رِجَالَكُمْ، وَأَسَرُوا الصِّبْيَةَ وَالنِّسَاءَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute