الْمَحْشَرِ، فَخَرَجْتُ أَطْلُبُ الْمَهْدِيَّ، فَوَجَدْتُهُ وَاضِعًا خَدَّهُ عَلَى الْأَرْضِ وَهُوَ يَقُولُ: اللَّهُمَّ احْفَظْ مُحَمَّدًا فِي أُمَّتِهِ! اللَّهُمَّ لَا تُشْمِتْ بِنَا أَعْدَاءَنَا مِنَ الْأُمَمِ! اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ أَخَذْتَ هَذَا الْعَالَمَ بِذَنْبِي، فَهَذِهِ نَاصِيَتِي بَيْنَ يَدَيْكَ. قَالَ: فَمَا لَبِثْنَا إِلَّا يَسِيرًا حَتَّى انْكَشَفَتِ الرِّيحُ. (وَزَالَ عَنَّا) مَا كُنَّا فِيهِ.
وَلَمَّا حَضَرَتِ الْقَاسِمَ بْنَ مُجَاشِعٍ التَّمِيمِيَّ الْمَرْوَزِيَّ الْوَفَاةُ أَوْصَى إِلَى الْمَهْدِيِّ فَكَتَبَ: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ} [آل عمران: ١٨] الْآيَةَ، ثُمَّ كَتَبَ: وَالْقَاسِمُ يَشْهَدُ بِذَلِكَ، وَيَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وَأَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَصِيُّ رَسُولِ اللَّهِ، وَوَارِثُ الْإِمَامَةِ مِنْ بَعْدِهِ، فَعُرِضَتِ الْوَصِيَّةُ عَلَى الْمَهْدِيِّ بَعْدَ مَوْتِهِ، فَلَمَّا بَلَغَ إِلَى هَذَا الْمَوْضِعِ رَمَى بِهَا، وَلَمْ يَنْظُرْ فِيهَا.
وَقَالَ الرَّبِيعُ: رَأَيْتُ الْمَهْدِيَّ يُصَلِّي فِي بَهْوٍ لَهُ فِي لَيْلَةٍ مُقْمِرَةٍ، فَمَا أَدْرِي أَهُوَ أَحْسَنُ أَمِ الْبَهْوُ أَمِ الْقَمَرُ أَمْ ثِيَابُهُ، فَقَرَأَ: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ} [محمد: ٢٢] .
قَالَ: فَتَمَّمَ صَلَاتَهُ، ثُمَّ الْتَفَتَ وَقَالَ: يَا رَبِيعُ! قُلْتُ: لَبَّيْكَ! قَالَ: [عَلَيَّ] بِمُوسَى، فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: مَنْ مُوسَى؟ ابْنُهُ أَمْ مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ، وَكَانَ مَحْبُوسًا عِنْدِي؟ فَجَعَلْتُ أُفَكِّرُ، فَقُلْتُ: مَا هُوَ إِلَّا مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ، فَأَحْضَرْتُهُ، فَقَطَعَ صَلَاتَهُ، ثُمَّ قَالَ: يَا مُوسَى! إِنِّي قَرَأْتُ هَذِهِ الْآيَةَ، فَخِفْتُ أَنْ أَكُونَ قَدْ قَطَعْتُ رَحِمَكَ، فَوَثِّقْ لِي أَنَّكَ لَا تَخْرُجُ [عَلَيَّ] . قَالَ: نَعَمْ، فَوَثَّقَ لَهُ فَخَلَّاهُ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ: رَأَيْتُ فِيمَا يَرَى النَّائِمُ، فِي آخِرِ سُلْطَانِ بَنِي أُمَيَّةَ، كَأَنِّي دَخَلْتُ مَسْجِدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَرَفَعْتُ رَأْسِي، فَنَظَرْتُ فِي الْكِتَابِ الَّذِي فِي الْمَسْجِدِ بِالْفُسَيْفِسَاءِ، فَإِذَا فِيهِ: مِمَّا أَمَرَ بِهِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، وَإِذَا قَائِلٌ يَقُولُ: يَمْحُو هَذَا الْكِتَابَ وَيَكْتُبُ اسْمَهُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute