(ذِكْرُ وِلَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْأَغْلَبِ إِفْرِيقِيَّةَ)
وَلَمَّا تُوُفِّيَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْأَغْلَبِ وَلِيَ بَعْدَهُ ابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ، وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ غَائِبًا بِطَرَابُلُسَ قَدْ حَصَرَهُ الْبَرْبَرُ، عَلَى مَا نَذْكُرُهُ سَنَةَ سِتٍّ وَتِسْعِينَ وَمِائَةٍ، فَعَهِدَ إِلَيْهِ أَبُوهُ بِالْإِمَارَةِ، وَأَمَرَ ابْنَهُ زِيَادَةَ اللَّهِ بْنَ إِبْرَاهِيمَ أَنْ يُبَايِعَ لِأَخِيهِ عَبْدِ اللَّهِ بِالْإِمَارَةِ، فَكَتَبَ إِلَى أَخِيهِ بِمَوْتِ أَبِيهِ، وَبِالْإِمَارَةِ، فَفَارَقَ طَرَابُلُسَ، وَوَصَلَ إِلَى الْقَيْرَوَانِ، فَاسْتَقَامَتِ الْأُمُورُ، وَلَمْ يَكُنْ فِي أَيَّامِهِ شَرٌّ، وَلَا حَرْبٌ، وَسَكَنَ النَّاسُ فَعُمِّرَتِ الْبِلَادُ، وَتُوُفِّيَ فِي ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ إِحْدَى وَمِائَتَيْنِ.
ذِكْرُ مَنْ خَالَفَ بِالْأَنْدَلُسِ عَلَى صَاحِبِهَا
وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ خَالَفَ بَهْلُولُ بْنُ مَرْزُوقٍ، الْمَعْرُوفُ بِأَبِي الْحَجَّاجِ، فِي نَاحِيَةِ الثَّغْرِ مِنْ بِلَادِ الْأَنْدَلُسِ، وَدَخَلَ سَرَقُسْطَةَ وَمَلَكَهَا، فَقَدِمَ عَلَى بَهْلُولٍ فِيهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَمُّ صَاحِبِهَا الْحَكَمِ، وَيُعْرَفُ بِالْبَلَنْسِيِّ، وَكَانَ مُتَوَجِّهًا إِلَى الْفِرِنْجِ.
وَخَالَفَ فِيهَا عُبَيْدَةُ بْنُ حُمَيْدٍ بِطُلَيْطِلَةَ، وَأَمَرَ الْحَكَمُ الْقَائِدَ عَمْرُوسَ بْنَ يُوسُفَ، وَهُوَ بِمَدِينَةِ طَلَبِيرَةَ، أَنْ يُحَارِبَ أَهْلَ طُلَيْطِلَةَ فَكَانَ يُكْثِرُ قِتَالَهُمْ، وَضَيَّقَ عَلَيْهِمْ، ثُمَّ إِنَّ عَمْرُوسَ بْنَ يُوسُفَ كَاتَبَ رِجَالًا مِنْ أَهْلِ طُلَيْطِلَةَ يُعْرَفُونَ بِبَنِي مَخْشِيٍّ، وَاسْتَمَالَهُمْ.
فَوَثَبُوا عَلَى عُبَيْدَةَ بْنِ حُمَيْدٍ وَقَتَلُوهُ، وَحَمَلُوهُ رَأْسَهُ إِلَى عَمْرُوسَ، فَسَيَّرَ الرَّأْسَ إِلَى الْحَكَمِ، وَأَنْزَلَ بَنِي مَخْشِيٍّ عِنْدَهُ، وَكَانَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْبَرْبَرِ الَّذِينَ بِمَدِينَةِ طَلَبِيرَةَ ذُحُولٌ، فَتَسَوَّرَ الْبَرْبَرُ عَلَيْهِمْ فَقَتَلُوهُ، فَسَيَّرَ عَمْرُوسُ رُءُوسَهُمْ مَعَ رَأْسِ عُبَيْدَةَ إِلَى الْحَكَمِ وَأَخْبَرَهُ الْخَبَرَ. [ثُمَّ إِنَّ عَمْرُوسَ أَعْمَلَ جَهْدَهُ فِي اسْتِجْلَابِ أَهْلِ طُلَيْطِلَةَ بِمُكَاتَبَتِهِمْ حَتَّى أَدْخَلُوهُ الْمَدِينَةَ. فَلَمَّا تَمَكَّنَ مِنْهَا بَنَى الْقَصْرَ عَلَى بَابِ جِسْرِهَا فَأَحْكَمَهُ، وَأَتْقَنَ أَمْرَهُ، ثُمَّ سَعَى فِي قَتْلِ رِجَالِ طُلَيْطِلَةَ، وَقَطْعِ شَرِّهِمْ، وَحَسْمِ دَائِهِمْ، تَوْطِيدًا لِلْمَمْلَكَةِ، فَأَعَدَّ لِلْكَيْدِ صَنِيعًا، أَظْهَرَ أَنَّهُ يَذْبَحُ فِيهِ الْبَقَرَ وَأَمَرَ أَنْ يَكُونَ دُخُولُ النَّاسِ عَلَى بَابٍ وَخُرُوجُهُمْ] مِنْ بَابٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute