وَجَعَلَ طَاهِرٌ فِيهَا جُنْدًا، وَاسْتَعْمَلَ عَلَيْهَا رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِهِ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَمْنَعَ مَنْ أَرَادَ دُخُولَهَا، وَاسْتَوْلَى عَلَى سَائِرِ أَعْمَالِ الْجَبَلِ مَعَهَا.
ذِكْرُ قَتْلِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جَبَلَةَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ قُتِلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ جَبَلَةَ الْأَنْبَارِيُّ، وَكَانَ سَبَبَ قَتْلِهِ أَنَّهُ لَمَّا خَرَجَ فِي أَمَانِ طَاهِرٍ أَقَامَ يُرِي طَاهِرًا وَأَصْحَابَهُ أَنَّهُ مُسَالِمٌ لَهُمْ، رَاضٍ بِأَمَانِهِمْ، ثُمَّ اغْتَرَّهُمْ وَهُمْ آمِنُونَ، فَرَكِبَ فِي أَصْحَابِهِ، وَهَجَمَ عَلَى طَاهِرٍ وَأَصْحَابِهِ وَلَمْ يَشْعُرُوا، فَثَبَتَ لَهُ رَجَّالَةُ طَاهِرٍ، وَقَاتَلُوهُ حَتَّى أَخَذَتِ الْفُرْسَانُ أُهْبَتَهَا، وَاقْتَتَلُوا أَشَدَّ قِتَالٍ رَآهُ النَّاسُ، حَتَّى تَقَطَّعَتِ السُّيُوفُ، وَتَكَسَّرَتِ الرِّمَاحُ، وَانْهَزَمَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَبَقِيَ فِي نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَقَاتَلَ، وَأَصْحَابُهُ يَقُولُونَ لَهُ: قَدْ أَمْكَنَكَ الْهَرَبُ، فَاهْرُبْ، فَقَالَ: لَا يَرَى أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ وَجْهِي مُنْهَزِمًا أَبَدًا. وَلَمْ يَزَلْ يُقَاتِلُ حَتَّى قُتِلَ.
وَانْتَهَى مَنِ انْهَزَمَ مِنْ أَصْحَابِهِ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ وَأَحْمَدَ ابْنَيِ الْحَرَشِيِّ، وَكَانَا فِي جَيْشٍ عَظِيمٍ بِقَصْرِ اللُّصُوصِ، قَدْ سَيَّرَهُ الْأَمِينُ مَعُونَةً لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ، فَلَمَّا بَلَغَ الْمُنْهَزِمُونَ إِلَيْهِمَا انْهَزَمَا أَيْضًا فِي جُنْدِهِمَا مِنْ غَيْرِ قِتَالٍ، حَتَّى دَخَلُوا بَغْدَاذَ، وَخَلَتِ الْبِلَادُ لِطَاهِرٍ، فَأَقْبَلَ يَحُوزُهَا بَلْدَةً بَلْدَةً، وَكُورَةً كُورَةً، حَتَّى انْتَهَى إِلَى شَلَاشَانَ مِنْ قُرَى حُلْوَانَ، فَخَنْدَقَ بِهَا، وَحَصَّنَ عَسْكَرَهُ، وَجَمَعَ أَصْحَابَهُ.
ذِكْرُ خُرُوجِ السُّفْيَانِيِّ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ خَرَجَ السُّفْيَانِيُّ، وَهُوَ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ، وَأُمُّهُ نَفِيسَةُ بِنْتُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَكَانَ يَقُولُ: أَنَا مِنْ شَيْخَيْ صِفِّينَ - يَعْنِي عَلِيًّا وَمُعَاوِيَةَ - وَكَانَ يُلَقَّبُ بِأَبِي الْعُمَيْطِرِ ; لِأَنَّهُ قَالَ يَوْمًا لِجُلَسَائِهِ: أَيُّ شَيْءٍ كُنْيَةُ الْحِرْذَوْنِ؟ قَالُوا: لَا نَدْرِي. قَالَ: هُوَ أَبُو الْعُمَيْطِرِ. فَلَقَّبُوهُ بِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute