للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَمَّا خَرَجَ دَعَا لِنَفْسِهِ بِالْخِلَافَةِ فِي ذِي الْحِجَّةِ، وَقَوِيَ عَلَى سُلَيْمَاَنَ بْنِ الْمَنْصُورِ، عَامِلِ دِمَشْقَ، فَأَخْرَجَهُ عَنْهَا، وَأَعَانَهُ الْخَطَّابُ بْنُ وَجْهِ الْفُلْسِ، مَوْلَى بَنِي أُمَيَّةَ، وَكَانَ قَدْ تَغَلَّبَ عَلَى صَيْدَا.

وَلَمَّا خَرَجَ سَيَّرَ إِلَيْهِ الْأَمِينُ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيِّ بْنِ عِيسَى بْنِ مَاهَانَ، فَبَلَغَ الرَّقَّةَ، وَلَمْ يَسِرْ إِلَى دِمَشْقَ.

وَكَانَ عُمْرُ أَبِي الْعُمَيْطِرِ، حِينَ خَرَجَ، تِسْعِينَ سَنَةً، وَكَانَ النَّاسُ قَدْ أَخَذُوا عَنْهُ عِلْمًا كَثِيرًا، وَكَانَ حَسَنَ السِّيرَةِ، فَلَمَّا خَرَجَ ظَلَمَ وَأَسَاءَ السِّيرَةَ، فَتَرَكُوا مَا نَقَلُوا عَنْهُ.

وَكَانَ أَكْبَرُ أَصْحَابِهِ مِنْ كَلْبٍ، وَكَتَبَ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ صَالِحِ بْنِ بَيْهَسٍ الْكِلَابِيِّ يَدْعُوهُ إِلَى طَاعَتِهِ، وَيَتَهَدَّدُهُ إِنْ لَمْ يَفْعَلْ، فَلَمْ يُجِبْهُ إِلَى ذَلِكَ، فَأَقْبَلَ السُّفْيَانِيُّ عَلَى قَصْدِ الْقَيْسِيَّةِ، فَكَتَبُوا إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ صَالِحٍ، فَأَقْبَلَ إِلَيْهِمْ فِي ثَلَاثِمِائَةِ فَارِسٍ مِنَ الضَّبَابِ وَمَوَالِيهِ، وَاتَّصَلَ الْخَبَرُ بِالسُّفْيَانِيِّ، فَوَجَّهَ إِلَيْهِ يَزِيدَ بْنَ هِشَامٍ فِي اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا، فَالْتَقَوْا، فَانْهَزَمَ يَزِيدُ وَمَنْ مَعَهُ، وَقُتِلَ مِنْهُمْ إِلَى أَنْ دَخَلُوا أَبْوَابَ دِمَشْقَ زِيَادَةٌ عَلَى أَلْفَيْ رَجُلٍ، وَأُسِرَ ثَلَاثَةُ آلَافٍ، فَأَطْلَقَهُمُ ابْنُ بَيْهَسٍ، وَحَلَقَ رُءُوسَهُمْ وَلِحَاهُمْ.

وَضَعُفَ السُّفْيَانِيُّ، وَحُصِرَ بِدِمَشْقَ، ثُمَّ جَمَعَ جَمْعًا، وَجَعَلَ عَلَيْهِمُ ابْنَهُ الْقَاسِمَ، وَخَرَجُوا إِلَى ابْنِ بَيْهَسٍ، فَالْتَقَوْا، فَقُتِلَ الْقَاسِمُ وَانْهَزَمَ أَصْحَابُ السُّفْيَانِيِّ، وَبُعِثَ رَأْسُهُ إِلَى الْأَمِينِ، ثُمَّ جَمَعَ جَمْعًا آخَرَ، وَسَيَّرَهُمْ مَعَ مَوْلَاهُ الْمُعْتَمِرِ، فَلَقِيَهُمُ ابْنُ بَيْهَسٍ، فَقُتِلَ الْمُعْتَمِرُ، وَانْهَزَمَ أَصْحَابُهُ، فَوَهَنَ أَمْرُ أَبِي الْعُمَيْطِرِ، وَطَمِعَ فِيهِ قَيْسٌ.

ثُمَّ مَرِضَ ابْنُ بَيْهَسٍ، فَجَمَعَ رُؤَسَاءَ بَنِي نُمَيْرٍ، فَقَالَ لَهُمْ: تَرَوْنَ مَا أَصَابَنِي مِنْ عِلَّتِي هَذِهِ، فَارْفُقُوا بِبَنِي مَرْوَانَ، وَعَلَيْكُمْ بِمَسْلَمَةَ بْنِ يَعْقُوبَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ مَسْلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، فَإِنَّهُ رَكِيكٌ، وَهُوَ ابْنُ أُخْتِكُمْ، وَأَعْلِمُوهُ أَنَّكُمْ لَا تَتْبَعُونَ بَنِي أَبِي سُفْيَانَ، وَبَايِعُوهُ بِالْخِلَافَةِ، وَكَيِّدُوا بِهِ السُّفْيَانِيَّ.

وَعَادَ ابْنُ بَيْهَسٍ إِلَى حَوْرَانَ، وَاجْتَمَعَتْ نُمَيْرٌ عَلَى مَسْلَمَةَ، وَبَذَلُوا لَهُ الْبَيْعَةَ، فَقَبِلَ مِنْهُمْ، وَجَمَعَ مَوَالِيَهُ، وَدَخَلَ عَلَى السُّفْيَانِيِّ، فَقَبَضَ عَلَيْهِ وَقَيَّدَهُ، وَقَبَضَ عَلَى رُؤَسَاءِ بَنِي

<<  <  ج: ص:  >  >>