إِنَّا وَجَدْنَا لَكُمْ إِذْ رَثَّ حَبْلُكُمْ ... مِنْ آلِ شَيْبَانَ أُمًّا دُونَكُمْ وَأَبَا
الْأَكْثَرُونَ إِذَا عُدَّ الْحَصَى عَدَدًا ... وَالْأَقْرَبُونَ إِلَيْنَا مِنْكُمُ نَسَبَا
فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: أُقْسِمُ لَكَذَلِكَ، وَفِيهِمْ سَدُّ الْخَلَلِ، وَنَكْءُ الْعَدُوِّ، وَدَفْعُ مَعَرَّةِ أَهْلِ الْمَعْصِيَةِ عَنْ أَهْلِ الطَّاعَةِ.
فَقَالَ لَهُ الْفَضْلُ: إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرَى ذِكْرَكَ، فَوَصَفْتُكَ لَهُ، فَأَحَبَّ اصْطِنَاعَكَ وَالتَّنْوِيهَ بِاسْمِكَ، وَأَنْ يَرْفَعَكَ إِلَى مَنْزِلَةٍ لَمْ يَبْلُغْهَا أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِكَ.
ثُمَّ مَضَى وَمَضَيْتُ مَعَهُ إِلَى الْأَمِينِ، فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ، فَقَالَ لِي فِي حَبْسِ أَسَدٍ، وَاعْتَذَرَ إِلَيَّ، وَأَمَرَنِي بِالْمَسِيرِ إِلَى حَرْبِ طَاهِرٍ، فَقُلْتُ: سَأَبْذُلُ فِي طَاعَةِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ مُهْجَتِي، وَأَبْلُغُ فِي جِهَادِ عَدُوِّهُ أَفْضَلَ مَا أَمَّلَهُ عِنْدِي وَرَجَاهُ مِنْ غَنَائِي وَكِفَايَتِي، إِنْ شَاءَ اللَّهُ - تَعَالَى -.
فَأَمَرَ الْفَضْلَ بِأَنْ يُمَكِّنَهُ مِنَ الْعَسَاكِرِ يَأْخُذُ مِنْهُمْ مَنْ أَرَادَ، وَأَمَرَهُ بِالْجِدِّ فِي الْمَسِيرِ وَالتَّجَهُّزِ، فَأَخَذَ مِنَ الْعَسْكَرِ عِشْرِينَ أَلْفَ فَارِسٍ، وَسَارَ مَعَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ قَحْطَبَةَ فِي عِشْرِينَ أَلْفًا، وَسَارَ بِهِمْ إِلَى حُلْوَانَ، وَشَفَعَ فِي أَسَدٍ ابْنِ أَخِيهِ، فَأَطْلَقَهُ.
وَأَقَامَ أَحْمَدُ وَعَبْدُ اللَّهِ بِخَانِقِينَ، وَأَقَامَ طَاهِرٌ بِمَوْضِعِهِ، وَدَسَّ الْجَوَاسِيسَ وَالْعُيُونَ، وَكَانُوا يُرْجِفُونَ فِي عَسْكَرِ أَحْمَدَ وَعَبْدِ اللَّهِ أَنَّ الْأَمِينَ قَدْ وَضَعَ الْعَطَاءَ لِأَصْحَابِهِ، وَأَمَرَ لَهُمْ بِالْأَرْزَاقِ الْوَافِرَةِ، وَلَمْ يَزَلْ يَحْتَالُ فِي وُقُوعِ الِاخْتِلَافِ بَيْنَهُمْ، حَتَّى اخْتَلَفُوا، وَانْتَقَضَ أَمْرُهُمْ، وَقَاتَلَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَرَجَعُوا عَنْ خَانِقِينَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَلْقَوْا طَاهِرًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute