للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمُلْكُ ذِي الْعَرْشِ دَائِمٌ أَبَدًا

لَيْسَ بِفَانٍ وَلَا بِمُشْتَرِكِ

فَقَالَ لَهَا: قُومِي، غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْكِ وَلَعَنَكِ! [قَالَ] : فَقَامَتْ، وَكَانَ لَهُ قَدَحٌ مِنْ بَلُّورٍ، حَسَنُ الصَّنْعَةِ، كَانَ يُسَمِّيهِ " زَبَّ رُيَاحَ "، وَكَانَ مَوْضُوعًا بَيْنَ يَدَيْهِ، فَعَثَرَتِ الْجَارِيَةُ بِهِ فَكَسَرَتْهُ، فَقَالَ: وَيْحَكَ يَا إِبْرَاهِيمُ! مَا تَرَى مَا جَاءَتْ بِهِ هَذِهِ الْجَارِيَةُ، ثُمَّ مَا كَانَ مِنْ كَسْرِ الْقَدَحِ؟ وَاللَّهِ مَا أَظُنُّ أَمْرِي إِلَّا وَقَدْ قَرُبَ! فَقُلْتُ: يُدِيمُ اللَّهُ مُلْكَكَ، وَيُعِزُّ سُلْطَانَكَ، وَيَكْبِتُ عَدُوَّكَ! فَمَا اسْتَتَمَّ الْكَلَامَ حَتَّى سَمِعْنَا صَوْتًا: {قُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ} [يوسف: ٤١] . فَقَالَ: يَا إِبْرَاهِيمُ! أَمَا سَمِعْتَ مَا سَمِعْتُ؟ قُلْتُ: مَا سَمِعْتُ شَيْئًا - وَكُنْتُ قَدْ سَمِعْتُ -. قَالَ: تَسْمَعُ حِسًّا. فَدَنَوْتُ مِنَ الشَّطِّ، فَلَمْ أَرَ شَيْئًا، ثُمَّ عَاوَدْنَا الْحَدِيثَ، فَعَادَ الصَّوْتُ بِمِثْلِهِ، فَقَامَ مِنْ مَجْلِسِهِ مُغْتَمًّا إِلَى مَجْلِسِهِ بِالْمَدِينَةِ، فَمَا مَضَى إِلَّا لَيْلَةٌ أَوْ لَيْلَتَانِ حَتَّى قُتِلَ.

ذِكْرُ قَتْلِ الْأَمِينِ

لَمَّا دَخَلَ مُحَمَّدٌ إِلَى مَدِينَةِ الْمَنْصُورِ، وَاسْتَوْلَى طَاهِرٌ عَلَى أَسْوَاقِ الْكَرْخِ وَغَيْرِهَا، كَمَا تَقَدَّمَ، وَقَرَّ بِالْمَدِينَةِ - عَلِمَ قُوَّادُهُ وَأَصْحَابُهُ أَنَّهُمْ لَيْسَ لَهُمْ فِيهَا عُدَّةُ الْحَصْرِ، وَخَافُوا أَنْ يَظْفَرَ بِهِمْ طَاهِرٌ، فَأَتَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمِ بْنِ الصَّقْرِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْأَغْلَبِ الْإِفْرِيقِيُّ، وَغَيْرُهُمَا، فَقَالُوا: قَدْ آلَتْ حَالُنَا إِلَى مَا تَرَى، وَقَدْ رَأَيْنَا رَأْيًا نَعْرِضُهُ عَلَيْكَ، فَانْظُرْ فِيهِ وَاعْتَزِمْ عَلَيْهِ، فَإِنَّا نَرْجُو أَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ الْخَيْرَةَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>