للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَأَخَذَ مِائَتَيْ فَارِسٍ وَسَارَ إِلَى نِفْزَاوَةَ، فَدَعَا بَرَابِرَهَا إِلَى نُصْرَتِهِ، فَأَجَابُوهُ وَسَارَعُوا إِلَيْهِ، وَأَقْبَلَ عَامِرُ بْنُ نَافِعٍ فِي الْعَسْكَرِ إِلَيْهِمْ، فَالْتَقَوْا، وَاقْتَتَلُوا، فَانْهَزَمَ عَامِرٌ وَمَنْ مَعَهُ، وَكَثُرَ الْقَتْلُ فِيهِمْ، وَرَجَعَ عَامِرٌ إِلَى قَسْطِيلِيَةَ، فَجَبَى أَمْوَالَهَا لَيْلًا وَنَهَارًا فِي ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَسَارُوا عَنْهَا، وَاسْتَخْلَفَ عَلَيْهَا مَنْ يَضْبُطُهَا، فَهَرَبَ مِنْهَا أَيْضًا خَوْفًا مِنْ أَهْلِهَا، فَأَرْسَلَ أَهْلُ قَسْطِيلِيَةَ إِلَى ابْنِ سَوَادَةَ، وَسَأَلُوهُ أَنْ يَجِيءَ إِلَيْهِمْ، فَسَارَ إِلَيْهِمْ وَمَلَكَ قَسْطِيلِيَةَ وَضَبَطَهَا.

وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ هَذِهِ الْحَوَادِثَ الْمَذْكُورَةَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَتِسْعٍ وَمِائَتَيْنِ إِنَّمَا كَانَتْ سَنَةَ تِسْعٍ وَعَشْرٍ وَمِائَتَيْنِ.

(طُنْبُذَةُ بِضَمِّ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ النُّونِ وَضَمِّ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَبِذَالٍ مُعْجَمَةٍ وَآخِرُهُ هَاءٌ. وَصَطْفُورَةُ بِفَتْحِ الصَّادِ وَسُكُونِ الطَّاءِ وَضَمِّ الْفَاءِ وَسُكُونِ الْوَاوِ وَآخِرُهُ هَاءٌ. وَسَبِيبَةُ بِفَتْحِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ الْيَاءِ تَحْتَهَا نُقْطَتَانِ وَفَتْحِ الْبَاءِ الثَّانِيَةِ الْمُوَحَّدَةِ وَآخِرُهُ هَاءٌ. وَنِفْزَاوَةُ بِالنُّونِ وَالْفَاءِ السَّاكِنَةِ وَفَتْحِ الزَّايِ وَبَعْدَ الْأَلْفِ وَاوٌ ثُمَّ هَاءٌ) .

ذِكْرُ مَافَتَحَهُ زِيَادَةُ اللَّهِ بْنُ الْأَغْلَبِ مِنْ جَزِيرَةِ صِقِلِّيَّةَ وَمَا كَانَ فِيهَا مِنَ الْحُرُوبِ إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ

فِي سَنَةِ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ وَمِائَتَيْنِ جَهَّزَ زِيَادَةُ اللَّهِ جَيْشًا فِي الْبَحْرِ، وَسَيَّرَهُمْ إِلَى جَزِيرَةِ صِقِلِّيَّةَ، وَاسْتَعْمَلَ عَلَيْهِمْ أَسَدَ بْنَ الْفُرَاتِ، قَاضِي الْقَيْرَوَانِ، وَهُوَ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ، وَهُوَ مُصَنِّفُ الْأَسَدِيَّةِ (فِي الْفِقْهِ عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ) ، فَلَمَّا وَصَلُوا إِلَيْهَا مَلَكُوا كَثِيرًا مِنْهَا.

وَكَانَ سَبَبَ إِنْفَاذِ الْجَيْشِ أَنَّ مَلِكَ الرُّومِ بِالْقُسْطَنْطِينِيَّةِ اسْتَعْمَلَ عَلَى جَزِيرَةِ صِقِلِّيَّةَ بِطْرِيقًا اسْمُهُ قُسْطَنْطِينُ سَنَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ وَمِائَتَيْنِ، فَلَمَّا وَصَلَ إِلَيْهَا اسْتَعْمَلَ عَلَى جَيْشِ الْأُسْطُولِ إِنْسَانًا رُومِيًّا اسْمُهُ فِيمِي، كَانَ حَازِمًا شُجَاعًا، فَغَزَا إِفْرِيقِيَّةَ، وَأَخَذَ مِنْ سَوَاحِلِهَا تُجَّارًا، وَنَهَبَ، وَبَقِيَ هُنَاكَ مُدَيْدَةً.

ثُمَّ إِنَّ مَلِكَ الرُّومِ كَتَبَ إِلَى قُسْطَنْطِينَ (يَأْمُرُهُ بِالْقَبْضِ) عَلَى فِيمِي، مُقَدِّمِ الْأُسْطُولِ، وَتَعْذِيبِهِ، فَبَلَغَ الْخَبَرُ إِلَى فِيمِي، فَأَعْلَمَ أَصْحَابَهُ فَغَضِبُوا لَهُ، وَأَعَانُوهُ عَلَى الْمُخَالَفَةِ، فَسَارَ فِي مَرَاكِبِهِ إِلَى صِقِلِّيَّةَ، وَاسْتَوْلَى عَلَى مَدِينَةِ سَرَقُوسَةَ، فَسَارَ إِلَيْهِ قُسْطَنْطِينُ (فَالْتَقَوْا وَاقْتَتَلُوا، فَانْهَزَمَ قُسْطَنْطِينُ) إِلَى مَدِينَةِ قَطَانِيَةَ، فَسَيَّرَ إِلَيْهِ فِيمِي

<<  <  ج: ص:  >  >>