جَيْشًا، فَهَرَبَ مِنْهُمْ، فَأَخَذَ وَقَتَلَ، وَخُوطِبَ فِيمِي بِالْمَلِكِ، وَاسْتَعْمَلَ عَلَى نَاحِيَةٍ مِنَ الْجَزِيرَةِ رَجُلًا اسْمُهُ بَلَاطَهْ، فَخَالَفَ عَلَى فِيمِي، وَعَصَى، وَاتَّفَقَ هُوَ وَابْنُ عَمٍّ لَهُ اسْمُهُ مِيخَائِيلُ، وَهُوَ وَالِي مَدِينَةِ بَلَرْمَ، وَجَمَعَا عَسْكَرًا كَثِيرًا، فَقَاتَلَا فِيمِي، وَانْهَزَمَ، فَاسْتَوْلَى بَلَاطَهْ عَلَى مَدِينَةِ سَرَقُوسَةَ.
وَرَكِبَ فِيمِي وَمَنْ مَعَهُ فِي مَرَاكِبِهِمْ إِلَى إِفْرِيقِيَّةَ، وَأَرْسَلَ إِلَى الْأَمِيرِ زِيَادَةِ اللَّهِ يَسْتَنْجِدُهُ، وَيَعِدُهُ بِمُلْكِ جَزِيرَةِ صِقِلِّيَّةَ، فَسَيَّرَ مَعَهُ جَيْشًا فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ سَنَةَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ وَمِائَتَيْنِ، فَوَصَلُوا إِلَى مَدِينَةِ مَازَرَ مِنْ صِقِلِّيَّةَ، فَسَارُوا إِلَى بَلَاطَهْ، الَّذِي قَاتَلَ فِيمِي، فَلَقِيَهُمْ جَمْعٌ لِلرُّومِ، فَقَاتَلَهُمُ الْمُسْلِمُونَ، وَأَمَرُوا فِيمِي وَمَنْ مَعَهُ أَنْ يَعْتَزِلُوهُمْ، وَاشْتَدَّ الْقِتَالُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَالرُّومِ، فَانْهَزَمَتِ الرُّومُ، وَغَنِمَ الْمُسْلِمُونَ أَمْوَالَهُمْ وَدَوَابَّهُمْ، وَهَرَبَ بَلَاطَهْ إِلَى قِلُّورِيَةَ، فَقُتِلَ بِهَا.
وَاسْتَوْلَى الْمُسْلِمُونَ عَلَى عِدَّةِ حُصُونٍ مِنَ الْجَزِيرَةِ، وَوَصَلُوا إِلَى قَلْعَةٍ تُعْرَفُ بِقَلْعَةِ الْكُرَّاثِ وَقَدِ اجْتَمَعَ إِلَيْهَا خَلْقٌ كَثِيرٌ، فَخَدَعُوا الْقَاضِيَ أَسَدَ بْنَ الْفُرَاتِ أَمِيرَ الْمُسْلِمِينَ، وَذَلُّوا لَهُ، فَلَمَّا رَآهُمْ فِيمِي مَالَ إِلَيْهِمْ، وَرَاسَلَهُمْ أَنْ يَثْبُتُوا، وَيَحْفَظُوا بَلَدَهُمْ، فَبَذَلُوا لِأَسَدٍ الْجِزْيَةَ، وَسَأَلُوهُ أَنْ لَا يَقْرَبَ مِنْهُمْ، فَأَجَابَهُمْ إِلَى ذَلِكَ، وَتَأَخَّرَ عَنْهُمْ (أَيَّامًا، فَاسْتَعَدُّوا لِلْحِصَارِ، وَدَفَعُوا إِلَيْهِمْ مَا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ، فَامْتَنَعُوا عَلَيْهِ) ، وَنَاصَبَهُمُ الْحَرْبَ، وَبَثَّ السَّرَايَا فِي كُلِّ نَاحِيَةٍ، فَغَنِمُوا شَيْئًا كَثِيرًا، وَافْتَتَحُوا عُمْرَانًا كَثِيرًا حَوْلَ سَرَقُوسَةَ، (وَحَاصَرُوا سَرَقُوسَةَ) بَرًّا وَبَحْرًا، وَلَحِقَتْهُ الْأَمْدَادُ مِنْ إِفْرِيقِيَّةَ، فَسَارَ إِلَيْهِمْ وَالِي بَلَرْمَ فِي عَسَاكِرَ كَثِيرَةٍ، فَخَنْدَقَ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِمْ، وَحَفَرُوا خَارِجَ الْخَنْدَقِ حُفَرًا كَثِيرَةً، فَحَمَلَ الرُّومُ عَلَيْهِمْ، فَسَقَطَ فِي تِلْكَ الْحُفَرِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ، فَقُتِلُوا.
وَضَيَّقَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى سَرَقُوسَةَ، فَوَصَلَ أُسْطُولٌ مِنَ الْقُسْطَنْطِينِيَّةِ فِيهِ جَمْعٌ كَثِيرٌ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute