سِتِّينَ سَنَةً، وَهَرَبُوا، فَجَعَلَ الْمَأْمُونُ لِمَنْ جَاءَ بِهِمْ عَشَرَةَ آلَافِ دِينَارٍ، فَجَاءَ بِهِمُ الْعَبَّاسُ بْنُ الْهَيْثَمِ الدِّينَوَرِيُّ، فَقَالُوا لِلْمَأْمُونِ: أَنْتَ أَمَرْتَنَا بِقَتْلِهِ. فَأَمَرَ بِهِمْ فَضُرِبَتْ رِقَابُهُمْ.
وَقِيلَ: إِنَّ الْمَأْمُونَ لَمَّا سَأَلَهُمْ، فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: إِنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي سَعِيدٍ ابْنَ أُخْتِ الْفَضْلِ بْنِ سَهْلٍ وَضَعَهُمْ عَلَيْهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَنْكَرَ ذَلِكَ، فَقَتَلَهُمْ، ثُمَّ أَحْضَرَ عَبْدَ الْعَزِيزِ بْنَ عِمْرَانَ، وَعَلِيًّا (وَمُوسَى) ، وَخَلْقًا، فَسَأَلَهُمْ، فَأَنْكَرُوا أَنْ يَكُونُوا عَلِمُوا بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، فَلَمْ يَقْبَلْ مِنْهُمْ، وَقَتَلَهُمْ، وَبَعَثَ بِرُءُوسِهِمْ إِلَى الْحَسَنِ بْنِ سَهْلٍ، وَأَعْلَمَهُ مَا دَخَلَ عَلَيْهِ مِنَ الْمُصِيبَةِ بِقَتْلِ الْفَضْلِ، وَأَنَّهُ قَدْ صَيَّرَهُ مَكَانَهُ، فَوَصَلَهُ الْخَبَرُ فِي رَمَضَانَ.
وَرَحَلَ الْمَأْمُونُ إِلَى الْعِرَاقِ، فَكَانَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمَهْدِيِّ، وَعِيسَى، وَغَيْرُهُمَا بِالْمَدَائِنِ، وَكَانَ أَبُو الْبَطِّ وَسَعِيدٌ بِالنِّيلِ يُرَاوِحُونَ الْقِتَالَ وَيُغَادُونَهُ، وَكَانَ الْمُطَّلِبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكٍ قَدْ عَادَ مِنَ الْمَدَائِنِ، فَاعْتَلَّ بِأَنَّهُ مَرِيضٌ، فَأَتَى بَغْدَاذَ وَجَعَلَ يَدْعُو فِي السِّرِّ إِلَى الْمَأْمُونِ، عَلَى أَنَّ مَنْصُورَ بْنَ الْمَهْدِيِّ (خَلِيفَةُ الْمَأْمُونِ، وَيَخْلَعُونَ إِبْرَاهِيمَ، فَأَجَابَهُ مَنْصُورُ بْنُ الْمَهْدِيِّ) ، وَخُزَيْمَةُ بْنُ خَازِمٍ، وَغَيْرُهُمَا مِنَ الْقُوَّادِ، وَكَتَبَ الْمُطَّلِبُ إِلَى عَلِيِّ بْنِ هِشَامٍ وَحُمَيْدٍ أَنْ يَتَقَدَّمَا، فَيَنْزِلَ حُمَيْدٌ نَهْرَ صَرْصَرٍ، وَيَنْزِلَ عَلِيٌّ النَّهْرَوَانَ.
فَلَمَّا عَلِمَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمَهْدِيِّ بِذَلِكَ عَادَ عَنِ الْمَدَائِنِ نَحْوَ بَغْدَاذَ، فَنَزَلَ زَنْدَوَرْدَ مُنْتَصَفَ صَفَرٍ، وَبَعَثَ إِلَى الْمُطَّلِبِ وَمَنْصُورٍ وَخُزَيْمَةَ يَدْعُوهُمْ، فَاعْتَلُّوْا عَلَيْهِ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ بَعَثَ عِيسَى إِلَيْهِمْ، فَأَمَّا مَنْصُورٌ وَخُزَيْمَةُ فَأَعْطَوْا بِأَيْدِيهِمَا، وَأَمَّا الْمُطَّلِبُ فَمَنَعَهُ مَوَالِيهِ وَأَصْحَابُهُ، فَنَادَى مُنَادِي إِبْرَاهِيمَ: مَنْ أَرَادَ النَّهْبَ فَلْيَأْتِ دَارَ الْمُطَّلِبِ، فَلَمَّا كَانَ وَقْتُ الظُّهْرِ وَصَلُوا إِلَى دَارِهِ فَنَهَبُوهَا، وَنَهَبُوا دُورَ أَهْلِهِ، وَلَمْ يَظْفَرُوا بِهِ، وَذَلِكَ لِثَلَاثَ عَشْرَةَ بَقِيَتْ مِنْ صَفَرٍ، فَلَمَّا بَلَغَ حُمَيْدًا وَعَلِيَّ بْنَ هِشَامٍ الْخَبَرُ أَخَذَ حُمَيْدٌ الْمَدَائِنَ وَنَزَلَهَا، وَقَطَعَ الْجِسْرَ، وَأَقَامُوا بِهَا، وَنَدِمَ إِبْرَاهِيمُ حَيْثُ صَنَعَ بِالْمُطَّلِبِ مَا صَنَعَ، ثُمَّ لَمْ يَظْفَرْ بِهِ.
ذِكْرُ قَتْلِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ الْهَمْدَانِيِّ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ قُتِلَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ الْهَمْدَانِيُّ وَأَخُوهُ أَحْمَدُ وَجَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute