وَمِنْ أَحْسَنِ مَا يُذْكَرُ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ الْإِسْكَافِيَّ كَانَ يَتَوَلَّى إِقْطَاعَ عُجَيْفٍ، فَرَفَعَ أَهْلَهُ عَلَيْهِ إِلَى عُجَيْفٍ، فَأَخَذَهُ، وَأَرَادَ قَتْلَهُ، فَبَالَ فِي ثِيَابِهِ خَوْفًا مِنْ عُجَيْفٍ، ثُمَّ شُفِّعَ فِيهِ، فَقَيَّدَهُ وَحَبَسَهُ، ثُمَّ سَارَ إِلَى الرُّومِ، وَأَخَذَهُ الْمُعْتَصِمُ، كَمَا ذَكَرْنَا، وَأَطْلَقَ مَنْ كَانَ فِي حَبْسِهِ، (وَكَانُوا جَمَاعَةً) مِنْهُمُ الْإِسْكَافِيُّ، ثُمَّ اسْتُعْمِلَ عَلَى نَوَاحٍ بِالْجَزِيرَةِ، وَمِنْ جُمْلَتِهَا بَاعِينَاثَا، قَالَ: فَخَرَجْتُ يَوْمًا إِلَى تَلِّ بَاعِينَاثَا، فَاحْتَجْتُ إِلَى الْوُضُوءِ، فَجِئْتُ إِلَى تَلٍّ فَبُلْتُ عَلَيْهِ، ثُمَّ تَوَضَّأْتُ وَنَزَلْتُ، وَشَيْخُ بَاعِينَاثَا يَنْتَظِرُنِي، فَقَالَ لِي: فِي هَذَا التَّلِّ قَبْرُ عُجَيْفٍ، وَأَرَانِيهِ، فَإِذَا [أَنَا] قَدْ بُلْتُ عَلَيْهِ، وَكَانَ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ سَنَةً لَا تَزِيدُ يَوْمًا وَلَا تَنْقُصُ يَوْمًا.
ذِكْرُ وَفَاةِ زِيَادَةِ اللَّهِ بْنِ الْأَغْلَبِ
وَابْتِدَاءِ وِلَايَةِ أَخِيهِ الْأَغْلَبِ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ فِي الرَّابِعَ عَشَرَ مِنْ رَجَبٍ تُوُفِّيَ زِيَادَةُ اللَّهِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْأَغْلَبِ، أَمِيرُ إِفْرِيقِيَّةَ، وَكَانَ عُمْرُهُ إِحْدَى وَخَمْسِينَ سَنَةً وَتِسْعَةَ أَشْهُرٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ، وَكَانَتْ إِمَارَتُهُ إِحْدَى وَعِشْرِينَ سَنَةً وَسَبْعَةَ أَشْهُرٍ، وَوَلِيَ بَعْدَهُ أَخُوهُ أَبُو عَفَّانَ الْأَغْلَبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْأَغْلَبِ، فَأَحْسَنَ إِلَى الْجُنْدِ، وَأَزَالَ مَظَالِمَ كَثِيرَةً، وَزَادَ الْعُمَّالَ فِي أَرْزَاقِهِمْ، وَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنِ الرَّعِيَّةِ، وَقَطَعَ النَّبِيذَ وَالْخَمْرَ عَنِ الْقَيْرَوَانِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute