قَالَ: الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ، وَإِنَّ اللَّهَ لَا يُرَى فِي الْآخِرَةِ، فُودِيَ بِهِ، وَأُعْطِيَ دِينَارًا، وَمَنْ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ تُرِكَ فِي أَيْدِي الرُّومِ.
فَلَمَّا كَانَ فِي عَاشُورَاءَ سَنَةَ إِحْدَى وَثَلَاثِينَ اجْتَمَعَ الْمُسْلِمُونَ وَمَنْ مَعَهُمْ مِنَ الْأَسْرَى عَلَى النَّهْرِ، وَأَتَتِ الرُّومُ وَمَنْ مَعَهُمْ مِنَ الْأَسْرَى، وَكَانَ النَّهْرُ بَيْنَ الطَّائِفَتَيْنِ، فَكَانَ الْمُسْلِمُونَ يُطْلِقُونَ الْأَسِيرَ، فَيُطْلِقُ الرُّومُ الْأَسِيرَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَيَلْتَقِيَانِ فِي وَسَطِ النَّهْرِ، وَيَأْتِي هَذَا أَصْحَابَهُ، فَإِذَا وَصَلَ الْأَسِيرُ إِلَى الْمُسْلِمِينَ كَبَّرُوا، وَإِذَا وَصَلَ الْأَسِيرُ إِلَى الرُّومِ صَاحُوا، حَتَّى فَرَغُوا.
وَكَانَ عِدَّةُ أَسْرَى الْمُسْلِمِينَ أَرْبَعَةَ آلَافٍ وَأَرْبَعَ مِائَةٍ وَسِتِّينَ نَفْسًا، وَالنِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ ثَمَانِيَ مِائَةٍ، وَأَهْلِ ذِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ مِائَةَ نَفْسٍ.
وَكَانَ النَّهْرُ مَخَاضَةً تَعْبُرُهُ الْأَسْرَى، وَقِيلَ بَلْ كَانَ عَلَيْهِ جِسْرٌ.
وَلَمَّا فَرَغُوا مِنَ الْفِدَاءِ غَزَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سَلْمٍ الْبَاهِلِيُّ شَاتِيًا، فَأَصَابَ النَّاسَ ثَلْجٌ وَمَطَرٌ، فَمَاتَ مِنْهُمْ مِائَتَا نَفْسٍ، وَأُسِرَ نَحْوُهُمْ، وَغَرِقَ بالبدندونِ خَلْقٌ كَثِيرٌ، فَوَجَدَ الْوَاثِقُ عَلَى أَحْمَدَ، وَكَانَ قَدْ جَاءَ إِلَى أَحْمَدَ بِطَرِيقٌ مِنَ الرُّومِ، فَقَالَ وُجُوهُ النَّاسِ لِأَحْمَدَ: إِنَّ عَسْكَرًا فِيهِ سَبْعَةُ آلَافٍ لَا تَتَخَوَّفُ عَلَيْهِ، فَإِنْ (كُنْتَ كَذَلِكَ فَوَاجِهِ الْقَوْمَ وَاطْرُقْ بِلَادَهُمْ، فَفَعَلَ، وَغَنِمَ نَحْوًا مِنْ أَلْفِ بَقَرَةٍ وَعَشَرَةِ آلَافِ شَاةٍ وَخَرَجَ، فَعَزَلَهُ الْوَاثِقُ، وَاسْتَعْمَلَ مَكَانَهُ نَصْرَ بْنَ حَمْزَةَ الْخُزَاعِيَّ فِي جُمَادَى الْأُولَى.
[الْوَفَيَاتُ]
وَفِيهَا مَاتَ الْحَسَنُ بْنُ الْحُسَيْنِ بِطَبَرِسْتَانَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute