وَرَفَعُوهُ; لِأَنَّهُ مَكْتُوبٌ عَلَيْهِمْ، وَاشْتَغَلُوا بِأَخْذِ الْبَيْعَةِ، وَجَلَسْتُ عَلَى بَابِ الْمَجْلِسِ; لِحِفْظِ الْمَيِّتِ وَرَدَدْتُ الْبَابَ، فَسَمِعْتُ حِسًّا، فَفَتَحْتُ الْبَابَ، وَإِذَا جُرَذٌ قَدْ دَخَلَ مِنْ بُسْتَانٍ هُنَاكَ، فَأَكَلَ إِحْدَى عَيْنَيِ الْوَاثِقِ، فَقُلْتُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، هَذِهِ الْعَيْنُ الَّتِي فَتَحَتْهَا مِنْ سَاعَةً، فَانْدَقَّ سَيْفِي هَيْبَةً لَهَا صَارَتْ طُعْمَةً لِدَابَّةٍ ضَعِيفَةٍ.
وَجَاؤُوا فَغَسَّلُوهُ، فَسَأَلَنِي أَحْمَدُ بْنُ أَبِي دُؤَادَ عَنْ عَيْنِهِ، فَأَخْبَرْتُهُ بِالْقِصَّةِ مِنْ أَوَّلِهَا إِلَى آخِرِهَا فَعَجِبَ مِنْهَا.
وَلَمَّا مَاتَ صَلَّى عَلَيْهِ أَحْمَدُ، وَأَنْزَلَهُ فِي قَبْرِهِ، وَقِيلَ صَلَّى عَلَيْهِ أَخُوهُ الْمُتَوَكِّلُ، وَدُفِنَ بِالْهَارُونِيِّ بِطَرِيقِ مَكَّةَ.
(وَكَانَ مَوْلِدُهُ بِطَرِيقِ مَكَّةَ) ، وَأُمُّهُ أُمُّ وَلَدٍ اسْمُهَا قَرَاطِيسُ.
وَلَمَّا اشْتَدَّ مَرَضُهُ أَحْضَرَ الْمُنَجِّمِينَ مِنْهُمُ الْحَسَنُ بْنُ سَهْلٍ، فَنَظَرُوا فِي مَوْلِدِهِ، فَقَدَّرُوا لَهُ أَنْ يَعِيشَ خَمْسِينَ سَنَةً، مُسْتَأْنَفَةً مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ، فَلَمْ يَعِشْ بَعْدَ قَوْلِهِمْ إِلَّا عَشْرَةَ أَيَّامٍ وَمَاتَ.
وَكَانَ أَبْيَضَ، مُشْرَبًا بِحُمْرَةٍ، جَمِيلًا، رَبْعَةً، حَسَنَ الْجِسْمِ، قَائِمَ الْعَيْنِ الْيُسْرَى، فِيهَا نُكْتَةُ بَيَاضٍ.
وَكَانَتْ خِلَافَتُهُ خَمْسَ سِنِينَ وَتِسْعَةَ أَشْهُرٍ وَخَمْسَةَ أَيَّامٍ، وَكَانَ عُمْرُهُ اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ سَنَةً، (وَقِيلَ: سِتًّا وَثَلَاثِينَ سَنَةً) .
ذِكْرُ بَعْضِ سِيرَةِ الْوَاثِقِ بِاللَّهِ
لَمَّا تُوُفِّيَ الْمُعْتَصِمُ، وَجَلَسَ الْوَاثِقُ فِي الْخِلَافَةِ أَحْسَنَ إِلَى النَّاسِ، وَاشْتَمَلَ عَلَى الْعَلَوِيِّينَ، وَبَالَغَ فِي إِكْرَامِهِمْ وَالْإِحْسَانِ إِلَيْهِمْ، وَالتَّعَهُّدِ لَهُمْ بِالْأَمْوَالِ، وَفَرَّقَ فِي أَهْلِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute