فَفَرَّقَ الْقُمِّيُّ مَا كَانَ فِيهَا مِنْ أَصْحَابِهِ (فَامْتَنَعُوا فِيهَا) .
فَلَمَّا رَأَى عَلِيُّ بَابَا ذَلِكَ صَدَقَهُمُ الْقِتَالَ، وَجَمَعَ لَهُمْ، فَالْتَقَوْا وَاقْتَتَلُوا قِتَالًا شَدِيدًا، وَكَانَتْ إِبِلُهُمْ ذَعِرَةً تَنْفِرُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، فَلَمَّا رَأَى الْقُمِّيُّ ذَلِكَ جَمَعَ كَلَّ جَرَسٍ فِي عَسْكَرِهِ وَجَعَلَهَا فِي أَعْنَاقِ خَيْلِهِ، ثُمَّ حَمَلُوا عَلَى الْبُجَاةِ، فَنَفَرَتْ إِبِلُهُمْ لِأَصْوَاتِ الْأَجْرَاسِ، فَحَمَلَتْهُمْ عَلَى الْجِبَالِ وَالْأَوْدِيَةِ، وَتَبِعَهُمُ الْمُسْلِمُونَ قَتْلًا وَأَسْرًا، حَتَّى أَدْرَكَهُمُ اللَّيْلُ، وَذَلِكَ أَوَّلَ سَنَةِ إِحْدَى وَأَرْبَعِينَ وَمِائَتَيْنِ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى مُعَسْكَرِهِ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى إِحْصَاءِ الْقَتْلَى لِكَثْرَتِهِمْ.
ثُمَّ إِنَّ مَلِكَهُمْ عَلِيَّ بَابَا طَلَبَ الْأَمَانَ فَأَمَّنَهُ عَلَى أَنْ يَرُدَّ مَمْلَكَتَهُ وَبِلَادَهُ، فَأَدَّى إِلَيْهِمُ الْخَرَاجَ لِلْمُدَّةِ الَّتِي كَانَ مَنَعَهَا، وَهِيَ أَرْبَعُ سِنِينَ، وَسَارَ مَعَ الْقُمِّيِّ إِلَى الْمُتَوَكِّلِ، وَاسْتَخْلَفَ (عَلَى مَمْلَكَتِهِ) ابْنَهُ بَغْشَ، فَلَمَّا وَصَلَ إِلَى الْمُتَوَكِّلِ خَلَعَ عَلَيْهِ وَعَلَى أَصْحَابِهِ، وَكَسَا جَمَلَهُ رَحْلًا مَلِيحًا وَجِلَالَ دِيبَاجٍ.
وَوَلَّى الْمُتَوَكِّلُ الْبُجَاةَ طَرِيقَ مِصْرَ، مَا بَيْنَ مِصْرَ وَمَكَّةَ، سَعْدًا الْخَادِمَ الْإِيتَاخِيَّ، فَوَلَّى الْإِيتَاخِيُّ مُحَمَّدًا الْقُمِّيَّ، فَرَجَعَ إِلَيْهَا وَمَعَهُ عَلِي بَابَا وَهُوَ عَلَى دِينِهِ، وَكَانَ مَعَهُ صَنَمٌ مِنْ حِجَارَةٍ كَهَيْئَةِ الصَّبِيِّ يَسْجُدُ لَهُ.
ذِكْرُ عِدَّةِ حَوَادِثَ
وَفِيهَا مُطِرَ النَّاسُ بِسَامَرَّا مَطَرًا شَدِيدًا فِي آبَ.
وَقِيلَ فِيهَا: إِنَّهُ أُنْهِيَ إِلَى الْمُتَوَكِّلِ أَنَّ عِيسَى بْنَ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَاصِمٍ، صَاحِبَ خَانِ عَاصِمٍ بِبَغْدَاذَ، يَشْتُمُ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعَائِشَةَ وَحَفْصَةَ، فَكَتَبَ إِلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute