عَلَى دِيوَانِ الْخَرَاجِ، فَكَتَبَ نَجَاحُ بْنُ سَلَمَةَ فِيهِمَا رُقْعَةً إِلَى الْمُتَوَكِّلِ: أَنَّهُمَا خَانَا وَقَصَّرَا، وَأَنَّهُ يَسْتَخْرِجُ مِنْهُمَا أَرْبَعِينَ أَلْفَ أَلْفٍ، فَقَالَ لَهُ الْمُتَوَكِّلُ: بَكِّرْ غَدًا حَتَّى أَدْفَعَهُمَا إِلَيْكَ. فَغَدَا وَقَدْ رَتَّبَ أَصْحَابُهُ لِأَخْذِهِمَا، فَلَقِيَهُ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ يَحْيَى الْوَزِيرُ، فَقَالَ لَهُ: أَنَا أُشِيرُ عَلَيْكَ بِمُصَالَحَتِهِمَا، وَتَكْتُبُ رُقْعَةً أَنَّكَ كُنْتَ شَارِبًا، وَتَكَلَّمْتَ نَاسِيًا، وَأَنَا أُصْلِحُ بَيْنِكُمَا، وَأُصْلِحُ الْحَالَ عِنْدَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ. وَلَمْ يَزَلْ يَخْدَعُهُ حَتَّى كَتَبَ خُطَّةً بِذَلِكَ.
فَلَمَّا كَتَبَ خَطَّهُ صَرَفَهُ، وَأَحْضَرَ الْحَسَنَ وَمُوسَى، وَعَرَّفَهُمَا الْحَالَ، وَأَمَرَهُمَا أَنْ يَكْتُبَا فِي نَجَاحٍ وَأَصْحَابِهِ بِأَلْفَيْ أَلْفِ دِينَارٍ، فَفَعَلَا، وَأَخَذَ الرُّقْعَتَيْنِ وَأَدْخَلَهُمَا عَلَى الْمُتَوَكِّلِ، وَقَالَ: قَدْ رَجَعَ نَجَاحٌ عَمَّا قَالَ، وَهَذِهِ رُقْعَةُ مُوسَى وَالْحَسَنِ يَتَقَبَّلَانِ بِمَا كَتَبَا، فَتَأْخُذُ مَا ضَمَّنَا عَلَيْهِ، ثُمَّ تَعْطِفُ عَلَيْهِمَا، فَتَأْخُذُ مِنْهُمَا قَرِيبًا مِنْهُ.
فَسُرَّ الْمُتَوَكِّلُ بِذَلِكَ، وَأَمَرَ بِدَفْعِهِ إِلَيْهِمَا، فَأَخَذَاهُ وَأَوْلَادَهُ، فَأَقَرُّوا بِنَحْوِ مِائَةٍ وَأَرْبَعِينَ أَلْفِ دِينَارٍ سِوَى الْغَلَّاتِ، وَالْغَرْسِ، وَالضِّيَاعِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ، فَقَبَضَ ذَلِكَ أَجْمَعَ، وَضُرِبَ، ثُمَّ عُصِرَتْ خِصْيَتَاهُ حَتَّى مَاتَ، وَأَقَرَّ أَوْلَادُهُ بَعْدَ الضَّرْبِ بِسَبْعِينَ أَلْفِ دِينَارٍ، سِوَى مَا لَهُمَا مِنْ مِلْكٍ وَغَيْرِهِ، فَأَخَذَ الْجَمِيعَ وَأَخَذَ مِنْ وُكَلَائِهِ فِي جَمِيعِ الْبِلَادِ مَالًا جَزِيلًا.
وَفِيهَا أَغَارَتِ الرُّومُ عَلَى سُمَيْسَاطَ، فَقَتَلُوا، وَسَبَوْا، (وَأَسَرُوا خَلْقًا كَثِيرًا) ، وَغَزَا عَلِيُّ بْنُ يَحْيَى الْأَرْمَنِيُّ الصَّائِفَةَ.
وَمَنَعَ أَهْلُ لُؤْلُؤَةَ رَئِيسَهُمْ مِنَ الصُّعُودِ إِلَيْهَا، فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ مَلِكُ الرُّومِ بِطْرِيقًا، يَضْمَنُ لِكُلِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ أَلْفَ دِينَارٍ عَلَى أَنْ يُسَلِّمُوا إِلَيْهِ لُؤْلُؤَةً، فَأَصْعَدُوا الْبِطْرِيقِ إِلَيْهِمْ، ثُمَّ أُعْطُوا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute