حَتَّى يُصْبِحَ، فَمَا زِلْتُ بِهِ أَنَا وَبَيْدُونُ حَتَّى رَكِبَ، وَسِرْنَا وَأَنَا أُحَدِّثُهُ، فَسَأَلَنِي عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ يَحْيَى، فَقُلْتُ: هُوَ يَأْخُذُ الْبَيْعَةَ عَلَى النَّاسِ، وَالْفَتْحُ قَدْ بَايَعَ، فَأَيِسَ، وَأَتَيْنَا بَابَ الْخَيْرِ، فَفُتِحَ لَنَا، وَصِرْنَا إِلَى الْمُنْتَصِرِ، فَلَمَّا رَآهُ قَرَّبَهُ، وَعَانَقَهُ، وَعَزَّاهُ، وَأَخَذَ الْبَيْعَةَ عَلَيْهِ.
ثُمَّ وَافَى سَعِيدٌ الْكَبِيرُ بِالْمُؤَيَّدِ، فَفَعَلَ بِهِ مِثْلَ ذَلِكَ، فَأَصْبَحَ النَّاسُ، وَأَمَرَ الْمُنْتَصِرُ بِدَفْنِ الْمُتَوَكِّلِ وَالْفَتْحِ.
وَلَمَّا أَصْبَحَ النَّاسُ شَاعَ الْخَبَرُ فِي الْمَاخُوزَةِ، وَهِيَ الْمَدِينَةُ الَّتِي كَانَ بَنَاهَا الْمُتَوَكِّلُ، وَفِي أَهْلِ سَامَرَّا، بِقَتْلِ الْمُتَوَكِّلِ، فَتَوَافَى الْجُنْدُ وَالشَّاكِرِيَّةُ بِبَابِ الْعَامَّةِ وَبِالْجَعْفَرِيَّةِ، وَغَيْرِهِمْ مِنَ الْغَوْغَاءِ وَالْعَامَّةِ، وَكَثُرَ النَّاسُ، وَتَسَامَعُوا، وَرَكِبَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَتَكَلَّمُوا فِي أَمْرِ الْبَيْعَةِ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ عَتَّابُ بْنُ عَتَّابٍ، وَقِيلَ: زَرَافَةُ، فَوَعَدَهُمْ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ الْمُنْتَصِرِ، فَاسْمَعُوهُ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ فَأَعْلَمَهُ، فَخَرَجَ الْمُنْتَصِرُ وَبَيْنَ يَدَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنَ الْمَغَارِبَةِ، فَصَاحَ بِهِمْ، وَقَالَ: خُذُوهُمْ! فَدَفَعُوهُمْ إِلَى الْأَبْوَابِ، فَازْدَحَمَ النَّاسُ وَرَكِبَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، فَتَفَرَّقُوا وَقَدْ مَاتَ مِنْهُمْ سِتَّةُ أَنْفُسٍ.
ذِكْرُ وِلَايَةِ خَفَاجَةَ بْنِ سُفْيَانَ صِقِلِّيَّةَ وَابْنِهِ مُحَمَّدٍ وَغَزَوَاتِهِمَا
قَدْ ذَكَرْنَا سَنَةَ سِتٍّ وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ أَنَّ أَمِيرَ صِقِلِّيَّةَ الْعَبَّاسَ تُوُفِّيَ سَنَةَ سَبْعٍ وَأَرْبَعِينَ، فَلَمَّا تُوُفِّيَ وَلَّى النَّاسُ عَلَيْهِمُ ابْنَهُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْعَبَّاسِ، وَكَتَبُوا إِلَى الْأَمِيرِ بِإِفْرِيقِيَّةَ بِذَلِكَ، وَأَخْرَجَ عَبْدُ اللَّهِ السَّرَايَا، فَفَتَحَ قِلَاعًا (مُتَعَدِّدَةً) مِنْهَا: جَبَلُ أَبِي مَالِكٍ وَقَلْعَةُ الْأَرْمَنِيِّينَ وَقَلْعَةُ الْمَشَارِعَةِ، فَبَقِيَ كَذَلِكَ خَمْسَةَ أَشْهُرٍ.
وَوَصَلَ مِنْ إِفْرِيقِيَّةَ خَفَاجَةُ بْنُ سُفْيَانَ أَمِيرًا عَلَى صِقِلِّيَّةَ، فَوَصَلَ فِي جُمَادَى الْأُولَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute