وَفِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَخَمْسِينَ وَمِائَتَيْنِ سَارَ خَفَاجَةُ فِي الْعِشْرِينَ مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ، وَسَيَّرَ ابْنَهُ مُحَمَّدًا عَلَى الْحَرَّاقَاتِ، وَسَيَّرَ سَرِيَّةً إِلَى سَرْقُوسَةَ فَغَنِمُوا، وَأَتَاهُمُ الْخَبَرُ أَنَّ بِطْرِيقًا قَدْ سَارَ مِنَ الْقُسْطَنْطِينِيَّةِ فِي جَمْعٍ كَثِيرٍ، فَوَصَلَ إِلَى صِقِلِّيَّةَ، فَلَقِيَهُ جَمْعٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَاقْتَتَلُوا قِتَالًا شَدِيدًا فَانْهَزَمَ الرُّومُ، وَقُتِلَ مِنْهُمْ خَلْقٌ كَثِيرٌ، وَغَنِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْهُمْ غَنَائِمَ كَثِيرَةً، وَرَحَلَ خَفَاجَةُ إِلَى سَرْقُوسَةَ، فَأَفْسَدَ زَرْعَهَا، وَغَنِمَ مِنْهَا، وَعَادَ إِلَى بَلَرْمَ، وَسَيَّرَ ابْنَهُ مُحَمَّدًا فِي الْبَحْرِ، مُسْتَهَلَّ رَجَبٍ، إِلَى مَدِينَةِ غَيْطَةٍ، فَحَصَرَهَا، وَبَثَّ الْعَسَاكِرَ فِي نَوَاحِيهَا، فَغَنِمَ وَشَحَنَ مَرَاكِبَهُ بِالْغَنَائِمِ، وَانْصَرَفَ إِلَى بَلَرْمَ فِي شَوَّالَ.
وَفِي سَنَةِ خَمْسٍ وَخَمْسِينَ وَمِائَتَيْنِ سَيَّرَ خَفَاجَةُ ابْنَهُ مُحَمَّدًا إِلَى مَدِينَةِ طَبْرَمِينَ، وَهِيَ مِنْ أَحْسَنِ مُدُنِ صِقِلِّيَّةَ، فَسَارَ فِي صَفَرَ إِلَيْهَا، وَكَانَ قَدْ أَتَاهُمْ مَنْ وَعَدَهُمْ أَنْ يُدْخِلَهُمْ إِلَيْهَا مِنْ طَرِيقٍ يَعْرِفُهُ، فَسَيَّرَهُ مَعَ وَلَدِهِ، فَلَمَّا قَرُبُوا مِنْهَا تَأَخَّرَ مُحَمَّدٌ، وَتَقَدَّمَ بَعْضُ عَسْكَرِهِ رَجَّالَةً مَعَ الدَّلِيلِ، فَأَدْخَلَهُمُ الْمَدِينَةَ، وَمَلَكُوا بَابَهَا وَسُورَهَا، وَشَرَعُوا فِي السَّبْيِ وَالْغَنَائِمِ، وَتَأَخَّرَ مُحَمَّدُ بْنُ خَفَاجَةَ فِيمَنْ مَعَهُمْ مِنَ الْعَسْكَرِ عَنِ الْوَقْتِ الَّذِي وَعَدَهُمْ أَنَّهُ يَأْتِيهِمْ فِيهِ، فَلَمَّا تَأَخَّرَ عَنْهُمْ ظَنُّوا أَنَّ الْعَدُوَّ قَدْ أَوْقَعَ بِهِمْ فَمَنَعَهُمْ مِنَ السَّبْيِ، فَخَرَجُوا عَنْهَا مُنْهَزِمِينَ، وَوَصَلَ مُحَمَّدٌ إِلَى بَابِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ مَعَهُ مِنَ الْعَسْكَرِ، فَرَأَى الْمُسْلِمِينَ قَدْ خَرَجُوا مِنْهَا، فَعَادَ رَاجِعًا.
وَفِيهَا فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ خَرَجَ خَفَاجَةُ وَسَارَ إِلَى مَرَسَةَ، وَسَيَّرَ ابْنَهُ فِي جَمَاعَةٍ كَثِيرَةٍ إِلَى سَرْقُوسَةَ، فَلَقِيَهُ الْعَدُوُّ فِي جَمْعٍ كَثِيرٍ، فَاقْتَتَلُوا، فَوَهَنَ الْمُسْلِمُونَ، وَقُتِلَ مِنْهُمْ، وَرَجَعُوا (إِلَى خَفَاجَةَ) ، فَسَارَ إِلَى سَرْقُوسَةَ، فَحَصَرَهَا، (وَأَقَامَ عَلَيْهَا، وَضَيَّقَ عَلَى أَهْلِهَا، وَأَفْسَدَ بِلَادَهَا، وَأَهْلَكَ زَرْعَهُمْ، وَعَادَ عَنْهَا يُرِيدُ بَلَرْمَ، فَنَزَلَ بِوَادِي الطِّينِ وَسَارَ مِنْهُ لَيْلًا، فَاغْتَالَهُ رَجُلٌ مِنْ عَسْكَرِهِ، فَطَعَنَهُ طَعْنَةً فَقَتَلَهُ، وَذَلِكَ مُسْتَهَلَّ رَجَبٍ) ، وَهَرَبَ الَّذِي قَتَلَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute