للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طَرِيقٍ آخَرَ لِيُوَافِيَهُ بِنَهْرِ جَيٍّ، بَعْدَ الْوَقْعَةِ مَعَ عَلِيِّ بْنِ أَبَانٍ ; وَكَانَ عَلِيُّ بْنُ أَبَانٍ قَدْ سَارَ مِنَ الْوَقْعَةِ فَنَزَلَ بِالْخَيْزُرَانِيَّةِ، فَأَتَاهُ رَجُلٌ فَأَخْبَرَهُ بِإِقْبَالِ شَاهِينَ إِلَيْهِ، فَسَارَ نَحْوَهُ، فَالْتَقَيَا وَقْتَ الْعَصْرِ بِمَوْضِعٍ بَيْنَ جَيٍّ وَنَهْرِ مُوسَى، وَاقْتَتَلُوا قِتَالًا شَدِيدًا، ثُمَّ صَدَمَهُمُ الزَّنْجُ صَدْمَةً صَادِقَةً فَهَزَمُوهُمْ، وَقَتَلُوا شَاهِينَ وَابْنَ عَمٍّ لَهُ، وَقُتِلَ مَعَهُ خَلْقٌ كَثِيرٌ.

فَلَمَّا فَرَغَ الزَّنْجُ مِنْهُمْ أَتَاهُمُ الْخَبَرُ بِقُرْبِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سِيمَا مِنْهُمْ، فَسَارَ عَلَيٌّ نَحْوَهُ، فَوَافَاهُ وَقْتَ الْعَشَاءِ الْآخِرَةِ، فَأَوْقَعَ بِإِبْرَاهِيمَ دَفْعَةً أُخْرَى شَدِيدَةً قَتَلَ فِيهَا جَمْعًا كَثِيرًا.

قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبَانٍ: وَكَانَ أَصْحَابِي قَدْ تَفَرَّقُوا بَعْدَ الْوَقْعَةِ مَعَ شَاهِينَ، وَلَمْ يَشْهَدْ مَعِي حَرْبَ إِبْرَاهِيمَ غَيْرُ خَمْسِينَ رَجُلًا، وَانْصَرَفَ عَلِيٌّ إِلَى جَيٍّ.

ذِكْرُ أَخْذِ الزَّنْجِ الْبَصْرَةَ وَتَخْرِيبِهَا

لَمَّا سَارَ سَعِيدٌ عَنِ الْبَصْرَةِ ضَمَّ السُّلْطَانُ عَمَلَهُ إِلَى مَنْصُورِ بْنِ جَعْفَرٍ الْخَيَّاطِ، وَكَانَ مِنْهُ مَا ذَكَرْنَا، وَلَمْ يَعُدْ مَنْصُورٌ لِقِتَالِهِ، وَاقْتَصَرَ عَلَى تَخْفِيرِ الْقَيْرَوَانَاتِ وَالسُّفُنِ، فَامْتَنَعَ أَهْلُ الْبَصْرَةِ، فَعَظُمَ ذَلِكَ عَلَى الْعَلَوِيِّ، فَتَقَدَّمَ إِلَى عَلِيِّ بْنِ أَبَانٍ بِالْمَقَامِ بِالْخَيْزُرَانِيَّةِ لِيَشْغَلَ مَنْصُورًا عَنْ تَسْيِيرِ الْقَيْرَوَانَاتِ، فَكَانَ بِنَوَاحِي جَيٍّ، وَالْخَيْزُرَانِيَّةِ، وَشَغَلَ مَنْصُورًا، فَعَادَ أَهْلُ الْبَصْرَةِ إِلَى الضِّيقِ، وَأَلَحَّ أَصْحَابُ الْخَبِيثِ عَلَيْهِمْ بِالْحَرْبِ صَبَاحًا وَمَسَاءً.

فَلَمَّا كَانَ فِي شَوَّالٍ أَزْمَعَ الْخَبِيثُ عَلَى جَمْعِ أَصْحَابِهِ لِدُخُولِ الْبَصْرَةِ، وَالْجِدِّ فِي إِخْرَابِهَا لِضَعْفِ أَهْلِهِ وَتَفَرُّقِهِمْ، وَخَرَابِ مَا حَوْلَهُمْ مِنَ الْقُرَى، ثُمَّ أَمَرَ مُحَمَّدَ بْنَ يَزِيدَ الدَّارِمِيَّ، وَهُوَ أَحَدُ مَنْ صَحِبَهُ بِالْبَحْرَيْنِ، أَنْ يَخْرُجَ إِلَى الْأَعْرَابِ لِيَجْمَعَهُمْ، فَأَتَاهُ مِنْهُمْ خَلْقٌ كَثِيرٌ، فَأَنَاخُوا بِالْقِنْدَلِ، وَوَجَّهَ إِلَيْهِمُ الْعَلَوِيُّ سُلَيْمَانَ بْنَ مُوسَى الشَّعْرَانِيَّ، وَأَمَرَهَمْ بِتَطَرُّقِ الْبَصْرَةِ وَالْإِيقَاعِ بِهَا لِيَتَمَرَّنَ الْأَعْرَابُ عَلَى ذَلِكَ، ثُمَّ أَنْهَضَ عَلِيَّ بْنَ أَبَانٍ،

<<  <  ج: ص:  >  >>