للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِأَخِيهِ، وَسَارَ يَعْمُرُ إِلَى هَرَاةَ، فَحَارَبَ طَاهِرَ بْنَ حَفْصٍ فَقَتَلَهُ، وَاسْتَوْلَى عَلَى أَعْمَالِ طَاهِرٍ، فَسَارَ إِلَيْهِ أَحْمَدُ، فَكَانَتْ بَيْنَهُمَا مُنَاوَشَاتٌ.

وَكَانَ أَبُو طَلْحَةَ بْنُ شَرْكُبٍ غُلَامًا مِنْ أَحْسَنِ الْغِلْمَانِ، وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بِلَالٍ يَمِيلُ إِلَيْهِ، وَهُوَ أَحَدُ قُوَّادِ يَعْمُرَ، فَرَاسَلَ الْخُجُسْتَانِيَّ، وَأَعْلَمَهُ أَنَّهُ يَعْمَلُ ضِيَافَةً لِيَعْمُرَ وَقُوَّادِهِ، وَيَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ يَوْمًا ذَكَرَهُ. وَيَأْمُرُهُ بِالنُّهُوضِ إِلَيْهِمْ فِيهِ، فَإِنَّهُ يُسَاعِدُهُ، وَشَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ يُسَلِّمَ إِلَيْهِ أَبَا طَلْحَةَ، فَأَجَابَهُ أَحْمَدُ إِلَى ذَلِكَ، فَصَنَعَ ابْنُ بِلَالٍ طَعَامًا، وَدَعَا يَعْمُرَ، وَأَصْحَابَهُ، وَكَبَسَهُمْ أَحْمَدُ، وَقَبَضَ عَلَى يَعْمُرَ، وَسَيَّرَهُ إِلَى نَائِبِهِ بِنَيْسَابُورَ فَقَتَلَهُ، وَاجْتَمَعَ إِلَى أَبِي طَلْحَةَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِ أَخِيهِ فَقَتَلُوا ابْنَ بِلَالٍ، وَسَارُوا إِلَى نَيْسَابُورَ وَكَانَ بِهَا الْحُسَيْنُ بْنُ طَاهِرٍ أَخُو مُحَمَّدِ بْنِ طَاهِرٍ قَدْ وَرَدَهَا مِنْ أَصْبَهَانَ، طَمَعًا أَنْ يَخْطُبَ لَهُمْ أَحْمَدُ كَمَا كَانَ يُظْهِرُهُ مِنْ نَفْسِهِ، فَلَمْ يَفْعَلْ، فَخَطَبَ لَهُ أَبُو طَلْحَةَ بِهَا، وَأَقَامَ مَعَهُ، فَسَارَ إِلَيْهِ الْخُجُسْتَانِيُّ مِنْ هَرَاةَ فِي اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ عِنَانٍ، فَأَقَامَ عَلَى ثَلَاثِ مَرَاحِلَ مِنْ نَيْسَابُورَ، وَوَجَّهَ أَخَاهُ الْعَبَّاسَ إِلَيْهَا، فَخَرَجَ إِلَيْهِ أَبُو طَلْحَةَ، فَقَاتَلَهُ، فَقُتِلَ الْعَبَّاسُ وَانْهَزَمَ أَصْحَابُهُ.

فَلَمَّا بَلَغَ خَبَرُهُمْ إِلَى أَحْمَدَ عَادَ إِلَى هَرَاةَ، وَلَمْ يَعْلَمْ لِأَخِيهِ خَبَرًا، فَبَذَلَ الْأَمْوَالَ لِمَنْ يَأْتِيهِ بِخَبَرِهِ، فَلَمْ يُقْدِمْ أَحَدٌ عَلَى ذَلِكَ، وَأَجَابَهُ رَافِعُ بْنُ هَرْثَمَةَ إِلَيْهِ، فَاسْتَأْمَنَ إِلَى أَبِي طَلْحَةَ فَأَمَّنَهُ وَقَرَّبَهُ، وَوَثِقَ إِلَيْهِ، وَتَحَقَّقَ رَافِعٌ خَبَرَ الْعَبَّاسِ، فَأَنْهَاهُ إِلَى أَخِيهِ أَحْمَدَ، وَأَنْفَذَهُ أَبُو طَلْحَةَ إِلَى بَيْهَقَ، وَبَسْتَ لِيَجْبِيَ أَمْوَالَهَا لِنَفْسِهِ، وَضَمَّ إِلَيْهِ قَائِدَيْنِ، فَجَبَى رَافِعٌ الْأَمْوَالَ، وَقَبَضَ عَلَى الْقَائِدَيْنِ، وَسَارَ إِلَى الْخُجُسْتَانِيِّ، إِلَى قَرْيَةٍ مِنْ قُرَى خَوَافَ، فَنَزَلَهَا وَبِهَا حَلِيُّ بْنُ يَحْيَى الْخَارِجِيُّ، فَنَزَلَ نَاحِيَةً عَنْهُ.

فَبَلَغَ الْخَبَرُ إِلَى أَبِي طَلْحَةَ، فَرَكِبَ مُجِدًّا، فَوَصَلَ إِلَيْهِمْ لَيْلًا، فَأَوْقَعَ بِحَلِيٍّ، وَأَصْحَابِهِ، وَهُوَ يَظُنُّهُ رَافِعًا، وَهَرَبَ رَافِعٌ سَالِمًا، وَعَلِمَ أَبُو طَلْحَةَ بِحَالِ حَلِيٍّ بَعْدَ حَرْبٍ شَدِيدَةٍ، فَكَفَّ عَنْهُ، وَأَحْسَنَ إِلَيْهِ وَإِلَى أَصْحَابِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>