ثُمَّ وَجَّهَ أَبُو طَلْحَةَ جَيْشًا إِلَى جُرْجَانَ، وَبِهَا ثَابِتُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ زَيْدٍ، وَمَعَهُ الدَّيْلَمُ، وَكَانَ عَلَى جَيْشِ أَبِي طَلْحَةَ إِسْحَاقُ الشَّارِيُّ، فَحَارَبُوا الدَّيْلَمَ بِجُرْجَانَ، وَقَتَلُوا مِنْهُمْ مَقْتَلَةً عَظِيمَةً، وَأَجْلَوْهُمْ عَنْهَا، وَذَلِكَ فِي رَجَبٍ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ.
ثُمَّ عَصَى إِسْحَاقُ عَلَى أَبِي طَلْحَةَ، فَسَارَ إِلَيْهِ أَبُو طَلْحَةَ، وَاشْتَغَلَ فِي طَرِيقِهِ بِاللَّهْوِ وَالصَّيْدِ، فَكَبَسَهُ إِسْحَاقُ وَقَتَلَ أَصْحَابَهُ، وَانْهَزَمَ أَبُو طَلْحَةَ إِلَى نَيْسَابُورَ، فَاسْتَضْعَفَهُ أَهْلُهَا، فَأَخْرَجُوهُ مِنْهَا، فَنَزَلَ عَلَى فَرْسَخٍ عَنْهَا، وَجَمَعَ جَمْعًا وَحَارَبَهُمْ، ثُمَّ افْتَعَلَ كِتَابًا عَنْ أَهْلِ نَيْسَابُورَ إِلَى إِسْحَاقَ، يَسْتَقْدِمُونَهُ إِلَيْهِمْ، وَيَعِدُونَهُ الْمُسَاعَدَةَ عَلَى أَبِي طَلْحَةَ، فَاغْتَرَّ إِسْحَاقُ بِذَلِكَ، وَكَتَبَ أَبُو طَلْحَةَ عَنْ إِسْحَاقَ كِتَابًا إِلَى أَهْلِ نَيْسَابُورَ يَعِدُهُمْ أَنَّهُ يُسَاعِدُهُمْ عَلَى أَبِي طَلْحَةَ، وَيَأْمُرُهُمْ بِحِفْظِ الدُّرُوبِ، وَتَرْكِ مُقَارَبَةِ الْبَلَدِ إِلَى أَنْ يُوَافِيَهُمْ، فَاغْتَرُّوا بِذَلِكَ، وَظَنُّوهُ كِتَابَهُ، فَفَعَلُوا مَا أَمَرَهُمْ.
وَسَارَ إِسْحَاقُ مُجِدًّا، فَلَمَّا قَارَبَ نَيْسَابُورَ لَقِيَهُ أَبُو طَلْحَةَ، فَغَافَصَهُ، فَطَعَنَهُ أَبُو طَلْحَةَ، فَأَلْقَاهُ عَنْ فَرَسِهِ فِي بِئْرٍ هُنَاكَ، فَلَمْ يُعْلَمْ لَهُ خَبَرٌ، وَانْهَزَمَ أَصْحَابُهُ، وَدَخَلَ بَعْضُهُمْ إِلَى نَيْسَابُورَ، وَضَيَّقَ عَلَيْهِمْ أَبُو طَلْحَةَ، فَكَاتَبُوا الْخُجُسْتَانِيَّ، وَاسْتَقْدَمُوهُ مِنْ هَرَاةَ، فَأَتَاهُمْ فِي يَوْمَيْنِ وَلَيْلَتَيْنِ، وَوَرَدَ عَلَيْهِمْ لَيْلًا، فَفَتَحُوا لَهُ الْأَبْوَابَ، وَدَخَلَهَا وَسَارَ عَنْهَا أَبُو طَلْحَةَ إِلَى الْحَسَنِ بْنِ زَيْدٍ، فَأَمَدَّهُ بِجُنُودٍ، فَعَادَ إِلَى نَيْسَابُورَ، فَلَمْ يَظْفَرْ بِشَيْءٍ، فَسَارَ إِلَى بَلْخَ، وَحَصَرَ أَبَا دَاوُدَ النَّاهِجَوْزِيَّ، وَاجْتَمَعَ مَعَهُ خَلْقٌ كَثِيرٌ، وَذَلِكَ سَنَةَ خَمْسٍ، (وَقِيلَ سِتٍّ) وَسِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ.
وَسَارَ الْخُجُسْتَانِيُّ إِلَى مُحَارَبَةِ الْحَسَنِ بْنِ زَيْدٍ لِمُسَاعَدَتِهِ أَبَا طَلْحَةَ، فَاسْتَعَانَ الْحَسَنُ بِأَهْلِ جُرْجَانَ، فَأَعَانُوهُ، فَحَارَبَهُمُ الْخُجُسْتَانِيُّ فَهَزَمَهُمْ، وَأَغَارَ عَلَيْهِمْ، وَجَبَاهُمْ أَرْبَعَةَ آلَافِ أَلْفِ دِرْهَمٍ، وَذَلِكَ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّينَ [وَمِائَتَيْنِ] .
وَاتَّفَقَ أَنَّ يَعْقُوبَ بْنَ اللَّيْثِ تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّينَ [وَمِائَتَيْنِ] أَيْضًا، وَوَلِيَ مَكَانَهُ أَخُوهُ عَمْرٌو، فَعَادَ إِلَى سِجِسْتَانَ وَقَصَدَ هَرَاةَ، فَعَادَ الْخُجُسْتَانِيُّ مِنْ جُرْجَانَ إِلَى نَيْسَابُورَ، وَوَافَاهُ عَمْرُو بْنُ اللَّيْثِ، فَاقْتَتَلَا، وَانْهَزَمَ عَمْرٌو وَرَجَعَ إِلَى هَرَاةَ، وَأَقَامَ أَحْمَدُ بِنَيْسَابُورَ.
وَكَانَ كَيْكَانُ، وَهُوَ يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى الذُّهْلِيُّ، وَجَمَاعَةٌ مِنَ الْمُتَطَوِّعَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute