للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْفُقَهَاءِ بِنَيْسَابُورَ يَمِيلُونَ إِلَى عَمْرٍو لِتَوْلِيَةِ السُّلْطَانِ إِيَّاهُ، فَرَأَى الْخُجُسْتَانِيُّ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَهُمْ لِيَشْتَغِلَ بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ، وَأَحْضَرَ مِنْهُمْ جَمَاعَةً مِنَ الْفُقَهَاءِ الْقَائِلِينَ بِمَذَاهِبِ أَهْلِ الْعِرَاقِ، فَأَحْسَنَ إِلَيْهِمْ، وَقَرَّبَهُمْ، وَأَكْرَمَهُمْ، وَأَظْهَرُوا الْخِلَافَ عَلَى كَيْكَانَ، وَنَابَذُوهُ.

وَكَانَ كَيْكَانُ يَقُولُ بِمَذْهَبِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، فَكُفِيَ شَرُّهُمْ، وَسَارَ إِلَى هَرَاةَ فَحَصَرَ بِهَا عَمْرَو بْنَ اللَّيْثِ سَنَةَ سَبْعٍ وَسِتِّينَ [وَمِائَتَيْنِ] ، فَلَمْ يَظْفَرْ بِشَيْءٍ، فَسَارَ نَحْوَ سِجِسْتَانَ فَحَصَرَ فِي طَرِيقِهِ رَمْلَ سِيَّ فَلَمْ يَظْفَرْ بِشَيْءٍ مِنْهَا، فَاحْتَالَ حَتَّى اسْتَمَالَ رَجُلًا قَطَّانًا كَانَتْ دَارُهُ إِلَى جَانِبِ السُّورِ، وَوَعَدَهُ أَنْ يَنْقُبَ مِنَ الْعَسْكَرِ إِلَى دَارِهِ، وَيُخْرِجَ أَصْحَابَهُ إِلَى الْبَلَدِ، فَاسْتَأْمَنَ رَجُلَانِ مِنَ الْبَلَدِ مِنْ أَصْحَابِ الْخُجُسْتَانِيِّ، وَذَكَرَا الْخَبَرَ لِصَاحِبِهِ، فَأُخِذَ الْقَطَّانُ وَأُخْرِبَتْ دَارُهُ، وَبَطَلَ مَا كَانَ الْخُجُسْتَانِيُّ عَزَمَ عَلَيْهِ.

وَكَانَ خَلِيفَةُ الْخُجُسْتَانِيُّ بِنَيْسَابُورَ قَدْ أَسَاءَ السِّيرَةَ، وَقَوَّى الْعَيَّارِينَ وَأَهْلَ الْفَسَادِ، فَاجْتَمَعَ النَّاسُ إِلَى كَيْكَانَ، فَثَارَ عَلَى نَائِبِهِ، وَأَعَانَهُمْ عَمْرُو بْنُ اللَّيْثِ بِجُنْدِهِ، فَقَبَضُوا عَلَى خَلِيفَةِ الْخُجُسْتَانِيِّ، وَأَقَامَ أَصْحَابُ عَمْرٍو بِنَيْسَابُورَ، فَبَلَغَ الْخَبَرُ إِلَى أَحْمَدَ، فَوَافَى نَيْسَابُورَ، فَخَرَجَ عَنْهَا كَيْكَانُ (وَغَيْرُهُ، فَرَدَّهُمْ أَصْحَابُ أَحْمَدَ الْخُجُسْتَانِيُّ، فَقَتَلَ مِنْهُمْ جَمَاعَةً، وَغَيَّبَ كَيْكَانَ) ، فَلَمْ يَظْهَرْ إِلَّا بَعْدَ مُدَّةٍ مَيِّتًا، وَقَدْ بَنَى عَلَيْهِ حَائِطًا فَمَاتَ فِيهِ.

وَأَقَامَ أَحْمَدُ بِنَيْسَابُورَ تَمَامَ سَنَةِ سَبْعٍ وَسِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ. ثُمَّ إِنَّ عَمْرًا كَاتَبَ أَبَا طَلْحَةَ، وَهُوَ يُحَاصِرُ بَلْخَ، يَسْتَقْدِمُهُ إِلَى هَرَاةَ، فَأَتَاهُ، فَأَكْرَمَهُ، وَأَعْطَاهُ مَالًا عَظِيمًا، وَوَعَدَهُ وَتَرَكَهُ بِخُرَاسَانَ، وَعَادَ إِلَى سِجِسْتَانَ ; فَسَارَ أَحْمَدُ إِلَى سَرَخْسَ، وَبِهَا عَامِلُ عَمْرٍو، فَأَتَاهُ أَبُو طَلْحَةَ، فَقَاتَلَهُ، فَانْهَزَمَ أَبُو طَلْحَةَ، وَمَرَّ عَلَى وَجْهِهِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>