بَلَدَ، وَعَبَرَ دِجْلَةَ إِلَيْهِ وَهُوَ فِي ثَلَاثَةِ آلَافٍ) ، وَسَارَ (إِلَى نَهْرِ أَيُّوبَ) ، فَالْتَقَوْا بِكَرَاثَا، وَهِيَ الَّتِي تُعْرَفُ الْيَوْمَ بِتَلِّ مُوسَى، وَتَصَافُّوا لِلْحَرْبِ، فَأَرْسَلَ مُقَدَّمُ مَيْسَرَةِ ابْنِ أَيُّوبَ إِلَى ابْنِ كَنْدَاجَ يَقُولُ لَهُ: إِنَّنِي فِي الْمَيْسَرَةِ، فَاحْمِلْ عَلَيَّ لِأَنْهَزِمَ، فَفَعَلَ ذَلِكَ، فَانْهَزَمَتِ مَيْسَرَةُ ابْنِ أَيُّوبَ، وَتَبِعَهَا الْبَاقُونَ، فَسَارَ حَمْدَانُ بْنُ حَمْدُونَ، وَعَلِيُّ بْنُ دَاوُدَ إِلَى نَيْسَابُورَ، وَأَخَذَ ابْنُ أَيُّوبَ نَحْوَ نَصِيبِينَ، فَاتَّبَعَهُ ابْنُ كَنْدَاجَ، فَسَارَ ابْنُ أَيُّوبَ عَنْ نَصِيبِينَ إِلَى آمِدَ، وَاسْتَوْلَى ابْنُ كَنْدَاجَ عَلَى نَصِيبِينَ وَدِيَارِ رَبِيعَةَ، وَاسْتَجَارَ ابْنُ أَيُّوبَ بِعِيسَى بْنِ الشَّيْخِ الشَّيْبَانِيِّ، وَهُوَ بِآمِدَ، فَأَنْجَدَهُ) ، (وَطَلَبَ النَّجْدَةَ مِنْ أَبِي الْمُعِزِّ بْنِ مُوسَى بْنِ زُرَارَةَ، وَهُوَ بِأَرْزَنَ، فَأَنْجَدَهُ) أَيْضًا، وَعَادَ ابْنُ كَنْدَاجَ إِلَى الْمَوْصِلِ، وَوَصَلَ إِلَيْهِ مِنَ الْخَلِيفَةِ الْمُعْتَمِدِ عَهْدٌ بِوِلَايَةِ الْمَوْصِلِ، فَعَادَ إِلَيْهَا، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ ابْنُ الشَّيْخِ، وَابْنُ زُرَارَةَ، وَغَيْرُهُمَا بَذَلُوا لَهُ مِائَتَيْ أَلْفِ دِينَارٍ لِيُقِرَّهُمْ عَلَى أَعْمَالِهِمْ، فَلَمْ يُجِبْهُمْ، فَاجْتَمَعُوا عَلَى حَرْبِهِ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ أَجَابَهُمْ إِلَى مَا طَلَبُوا وَعَادَ عَنْهُمْ وَقَصَدُوا بِلَادَهُمْ.
(وَفِيهَا أَمَرَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بِإِنْشَاءِ مَرَاكِبَ بِنَهْرِ قُرْطُبَةَ، وَحَمَلَهَا إِلَى الْبَحْرِ الْمُحِيطِ، وَكَانَ سَبَبُ عَمَلِهَا أَنَّهُ قِيلَ لَهُ جُلَيْقِيَةُ لَيْسَ لَهَا مَانِعٌ مِنْ جِهَةِ الْبَحْرِ الْمُحِيطِ، وَإِنَّ مُلْكَهَا مِنْ هُنَاكَ سَهْلٌ، فَأَمَرَ بِعَمَلِ الْمَرَاكِبِ، فَلَمَّا فَرَغَتْ، وَكَمُلَتْ بِرِجَالِهَا وَعُدَّتِهَا، سَيَّرَهُا إِلَى الْبَحْرِ الْمُحِيطِ، فَلَمَّا دَخَلَتْهُ الْمَرَاكِبُ تَقَطَّعَتْ، وَلَمْ يَجْتَمِعْ مِنْهَا مَرْكَبَانِ، وَلَمْ يَرْجِعْ مِنْهَا إِلَّا الْيَسِيرُ.
وَفِيهَا الْتَقَى أُسْطُولُ الْمُسْلِمِينَ، وَأُسْطُولُ الرُّومِ عِنْدَ صِقِلِّيَّةَ، فَجَرَى بَيْنَهُمْ قِتَالٌ شَدِيدٌ، فَظَفِرَ الرُّومُ بِالْمُسْلِمِينَ، وَأَخَذُوا مَرْكَبَهُمْ، وَانْهَزَمَ مَنْ سَلِمَ مِنْهُمْ إِلَى مَدِينَةِ بَلَرْمَ بِصِقِلِّيَّةَ.
وَفِيهَا كَانَ بِإِفْرِيقِيَّةَ غَلَاءٌ شَدِيدٌ وَقَحْطٌ عَظِيمٌ، كَادَتِ الْأَقْوَاتُ تُعْدَمُ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute