الْمُجْتَازُونَ، فَاتَّفَقَ أَنَّهُ سَقَطَ فِيهَا رَجُلٌ مِنَ الْفَرَاغِنَةِ، فَفَطِنُوا لَهَا، وَتَرَكُوا ذَلِكَ الطَّرِيقَ.
وَاسْتَمَدَّ سُلَيْمَانُ صَاحِبَ الزَّنْجِ، فَأَمَدَّهُ بِأَرْبَعِينَ سُمَيْرِيَّةٍ بِآلَاتِهَا وَمُقَاتِلَتِهَا، فَعَادُوا لِلتَّعَرُّضِ لِلْحَرْبِ، فَلَمْ يَكُونُوا يَثْبُتُوا لِأَبِي الْعَبَّاسِ ; ثُمَّ سَيَّرَ إِلَيْهِمْ عِدَّةَ سُمَيْرِيَّاتٍ، فَأَخَذَهَا الزَّنْجُ، فَبَلَغَهُ الْخَبَرُ وَهُوَ يَتَغَدَّى، فَرَكِبَ فِي سُمَيْرِيَّةٍ، وَلَمْ يَنْتَظِرْ أَصْحَابَهُ، وَتَبِعَهُ مِنْهُمْ مَنْ خَفَّ، فَأَدْرَكَ الزَّنْجَ، فَانْهَزَمُوا وَأَلْقَوْا أَنْفُسَهُمْ فِي الْمَاءِ، فَاسْتَنْقَذَ سُمَيْرِيَّاتِهِ وَمَنْ كَانَ فِيهَا، وَأَخَذَ مِنْهُمْ إِحْدَى وَثَلَاثِينَ سُمَيْرِيَّةً، وَرَمَى أَبُو الْعَبَّاسِ يَوْمَئِذٍ، عَنْ قَوْسٍ حَتَّى دَمِيَتْ إِبْهَامُهُ، فَلَمَّا رَجَعَ أَمَرَ لِمَنْ مَعَهُ بِالْخِلَعِ، وَأَمَرَ بِإِصْلَاحِ السُّمَيْرِيَّاتِ الْمَأْخُوذَةِ مِنَ الزَّنْجِ.
ثُمَّ إِنَّ أَبَا الْعَبَّاسِ رَأَى أَنْ يَتَوَغَّلَ [فِي] مَازَرْوَانَ حَتَّى يَصِيرَ إِلَى الْحَجَّاجِيَّةِ (وَنَهْرِ الْأَمِيرِ) ، وَيَعْرِفَ مَا هُنَاكَ، فَقَدَّمَ نُصَيْرًا فِي أَوَّلِ السُّمَيْرِيَّاتِ وَرَكِبَ أَبُو الْعَبَّاسِ فِي سُمَيْرِيَّةٍ وَمَعَهُ مُحَمَّدُ بْنُ شُعَيْبٍ، وَدَخَلَ مَازَرْوَانَ وَهُوَ يَظُنُّ أَنَّ نُصَيْرًا أَمَامَهُ، فَلَمْ يَقِفْ لَهُ عَلَى خَبَرٍ، وَكَانَ قَدْ سَارَ عَلَى غَيْرِ طَرِيقِ أَبِي الْعَبَّاسِ، وَخَرَجَ مَنْ مَعَ أَبِي الْعَبَّاسِ مِنَ الْمَلَّاحِينَ إِلَى غَنَمٍ رَأَوْهَا لِيَأْخُذُوهَا، فَبَقِيَ هُوَ وَمُحَمَّدُ بْنُ شُعَيْبٍ، فَأَتَاهُمَا جَمْعٌ مِنَ الزَّنْجِ مِنْ جَانِبَيِ النَّهْرِ، فَقَاتَلَهُمْ أَبُو الْعَبَّاسِ بِالنُّشَّابِ، وَوَافَاهُ زَيْرَكُ فِي بَاقِي الشَّذَوَاتِ، فَسَلَّمَ أَبُو الْعَبَّاسِ وَعَادَ عَسْكَرُهُ.
وَرَجَعَ نُصَيْرٌ وَجَمَعَ سُلَيْمَانُ بْنُ جَامِعٍ أَصْحَابَهُ وَتَحَصَّنَ بِطَهْثَا، وَتَحَصَّنَ الشَّعْرَانِيُّ وَأَصْحَابُهُ بِسُوقِ الْخَمِيسِ، وَجَعَلُوا الْغَلَّاتِ إِلَيْهَا، وَكَذَلِكَ اجْتَمَعَ بِالصِّينِيَّةِ، وَأَمَرَهُمْ بِالْمَسِيرِ فِي الْبَرِّ، وَإِذَا عَرَضَ لَهُمْ نَهْرٌ عَبَرُوهُ، وَرَكِبَ هُوَ فِي الشَّذَوَاتِ وَالسُّمَيْرِيَّاتِ، فَلَمَّا أَبْصَرَتِ الزَّنْجُ الْخَيْلَ خَافُوا، وَلَجَئُوا إِلَى الْمَاءِ وَالسُّفُنِ، فَلَمْ يَلْبَثُوا أَنْ وَافَتْهُمُ الشَّذَا مَعَ أَبِي الْعَبَّاسِ، فَلَمْ يَجِدُوا مَلْجَأً، فَاسْتَسْلَمُوا، فَقُتِلَ مِنْهُمْ فَرِيقٌ، وَأُسِرَ فَرِيقٌ، أَلْقَى نَفْسَهُ فِي الْمَاءِ فَرِيقٌ، أَخَذَ أَصْحَابُ أَبِي الْعَبَّاسِ سُفُنَهُمْ وَهِيَ مَمْلُوءَةٌ أُرْزًا، أَخَذَ الصِّينِيَّةَ، وَأَزَاحَ الزَّنْجَ عَنْهَا، فَانْحَازُوا إِلَى طَهْثَا وَسُوقِ الْخَمِيسِ.
وَكَانَ قَدْ رَأَى أَبُو الْعَبَّاسِ كُرْكِيًّا، فَرَمَاهُ بِسَهْمٍ، فَسَقَطَ فِي عَسْكَرِ الزَّنْجِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute