خَشِنَ الْعَيْشِ، وَهُوَ بِبَلَدِ شَهْرَزُورَ، وَهُوَ بَلَدٌ كَثِيرُ الْأَعْدَاءِ، مِنَ الْأَكْرَادِ وَغَيْرِهِمْ.
وَكَانَ هَارُونُ بِبَلَدِ الْمَوْصِلِ قَدْ صَلَحَ حَالُهُ وَحَالُ أَصْحَابِهِ، فَلَمَّا رَأَى أَصْحَابُ ابْنِ خُرَّزَادَ ذَلِكَ مَالُوا إِلَيْهِ وَقَصَدُوهُ، وَوَاقَعَ ابْنُ خُرَّزَادَ بِنَوَاحِي شَهْرَزُورَ الْأَكْرَادَ الْجَلَالِيَّةَ وَغَيْرَهُمْ، فَقُتِلَ، وَتَفَرَّدَ هَارُونُ (بِالرِّئَاسَةِ عَلَى الْخَوَارِجِ) ، وَقَوِيَ وَكَثُرَ أَتْبَاعُهُ، وَغَلَبُوا عَلَى الْقُرَى، وَالرَّسَاتِيقِ، وَجَعَلُوا عَلَى دِجْلَةَ مَنْ يَأْخُذُ الزَّكَاةَ مِنَ الْأَمْوَالِ الْمُنْحَدِرَةِ وَالْمُصْعِدَةِ، وَبَثُّوا نُوَّابَهُمْ فِي الرَّسَاتِيقِ يَأْخُذُونَ الْأَعْشَارَ مِنَ الْغَلَّاتِ.
ذِكْرُ عِدَّةِ حَوَادِثَ
(فِي هَذِهِ السَّنَةِ ابْتَدَرَ ابْنُ حَفْصُونَ بِالْأَنْدَلُسِ بِالْخِلَافِ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، صَاحِبِ الْأَنْدَلُسِ، بِنَاحِيَةِ رَيَّةَ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ جَيْشٌ مِنْ تِلْكَ النَّاحِيَةِ مَعَ عَامِلِهَا، فَقَاتَلَهُ، فَانْهَزَمَ الْجَيْشُ، وَقَوِيَ أَمْرُ عُمَرَ بْنِ حَفْصُونَ، وَشَاعَ ذِكْرُهُ، وَأَتَاهُ مَنْ يُرِيدُ الشَّرَّ وَالْفَسَادَ، فَسَيَّرَ مُحَمَّدٌ صَاحِبُ الْأَنْدَلُسِ عَامِلًا آخَرَ فِي جَيْشٍ، فَصَالَحَهُ عُمَرُ، فَطَلَبَ الْعَامِلُ كُلَّ مَنْ كَانَ لَهُ أَثَرٌ فِي مُسَاعَدَةِ عُمَرَ، فَأَهْلَكَهُ، وَفِيهِمْ مَنْ أَبْعَدَهُ، فَاسْتَقَامَتْ تِلْكَ النَّاحِيَةُ.
وَفِيهَا كَانَتْ زَلْزَلَةٌ عَظِيمَةٌ بِالشَّامِ، وَمِصْرَ، وَبِلَادِ الْجَزِيرَةِ، وَإِفْرِيقِيَّةَ، وَالْأَنْدَلُسِ، وَكَانَ قَبْلَهَا هَدَّةٌ عَظِيمَةٌ قَوِيَّةٌ.
وَفِيهَا وَلِيَ جَزِيرَةَ صِقِلِّيَّةَ الْحَسَنُ بْنُ الْعَبَّاسِ، فَبَثَّ السَّرَايَا إِلَى كُلِّ نَاحِيَةٍ، وَخَرَجَ إِلَى قَطَانِيَةَ فَأَفْسَدَ زَرْعَهَا وَزَرْعَ طَبَرْمِينَ، وَقَطَعَ أَشْجَارَهَا، وَسَارَ إِلَى بَقَارَةَ فَأَفْسَدَ زَرْعَهَا، وَانْصَرَفَ إِلَى بَلَرْمَ، وَأَخْرَجَتِ الرُّومُ سَرَايَا فَأَصَابُوا مِنَ الْمُسْلِمِينَ كَثِيرًا، وَذَلِكَ أَيَّامَ الْحَسَنِ بْنِ الْعَبَّاسِ) .
وَفِيهَا حَبَسَ السُّلْطَانُ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَاهِرٍ وَعِدَّةً مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ، بَعْدَ ظَفَرِ الْخُجُسْتَانِيِّ بِعَمْرِو بْنِ اللَّيْثِ، وَكَانَ عَمْرٌو اتَّهَمَهُ بِمُكَاتَبَةِ الْخُجُسْتَانِيِّ وَالْحُسَيْنِ بْنِ طَاهِرٍ، حَيْثُ كَانَ يَذْكُرُ أَنَّهُ عَلَى مَنَابِرِ خُرَاسَانَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute