للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَاسْتَوْلَى عَلَيْهَا، وَعَلَى خُرَاسَانَ، فَبَلَغَ الْخَبَرُ إِلَى رَافِعٍ، فَجَمَعَ أَصْحَابَهُ، وَاسْتَشَارَهُمْ فِيمَا يَفْعَلُ، وَقَالَ لَهُمْ: إِنَّ الْأَعْدَاءَ قَدْ أَحْدَقُوا بِنَا، وَلَا آمَنُ أَنْ يَتَّفِقُوا عَلَيْنَا ; هَذَا مُحَمَّدُ بْنُ زَيْدٍ بِالدَّيْلَمِ يَنْتَظِرُ فُرْصَةً لِيَنْتَهِزَهَا ; وَهَذَا عَمْرُو بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَدْ فَعَلْتُ بِهِ مَا فَعَلْتُ، فَهُوَ يَتَرَبَّصُ الدَّوَائِرَ ; وَهَذَا عَمْرُو بْنُ اللَّيْثِ قَدْ وَافَى خُرَاسَانَ بِجُمُوعِهِ، وَقَدْ رَأَيْتُ أَنْ أُصَالِحَ مُحَمَّدَ بْنَ زَيْدٍ، وَأُعِيدَ إِلَيْهِ طَبَرِسْتَانَ، وَأُصَالِحَ ابْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ، ثُمَّ أَسِيرَ إِلَى عَمْرٍو، فَأُخْرِجَهُ عَنْ خُرَاسَانَ، فَوَافَقُوهُ عَلَى ذَلِكَ، وَأَرْسَلَ إِلَى ابْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَصَالَحَهُ، وَاسْتَقَرَّ الْأَمْرُ بَيْنَهُمَا فِي شَعْبَانَ سَنَةَ ثَمَانِينَ [وَمِائَتَيْنِ] .

ثُمَّ سَارَ إِلَى طَبَرِسْتَانَ، فَوَرَدَهَا فِي شَعْبَانَ سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِينَ [وَمِائَتَيْنِ] ، وَكَانَ قَدْ أَقَامَ بِجُرْجَانَ، فَأَحْكَمَ أُمُورَهَا، وَلَمَّا اسْتَقَرَّ بِطَبَرِسْتَانَ رَاسَلَ مُحَمَّدَ بْنِ زَيْدٍ، وَصَالَحَهُ، وَوَعَدَهُ مُحَمَّدُ بْنُ زَيْدٍ أَنْ يُنْجِدَهُ بِأَرْبَعَةِ آلَافِ رَجُلٍ مِنْ شُجْعَانِ الدَّيْلَمِ.

وَخُطِبَ لِمُحَمَّدٍ بِطَبَرِسْتَانَ، وَجُرْجَانَ فِي رَبِيعٍ الْآخِرِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ.

وَبَلَغَ خَبَرُ مُصَالَحَةِ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ وَرَافِعٍ إِلَى عَمْرِو بْنِ اللَّيْثِ، فَأَرْسَلَ إِلَى مُحَمَّدٍ يُذَكِّرُهُ مَا فَعَلَ بِهِ، وَيُحَذِّرُهُ مِنْهُ وَ [مِنْ] غَدْرِهِ إِنِ اسْتَقَامَ أَمْرُهُ، فَعَادَ عَنْ إِنْجَادِهِ بِعَسْكَرٍ.

فَلَمَّا قَوِيَ عَمْرٌو عَرَفَ لِمُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ ذَلِكَ، وَخَلَّى عَلَيْهِ طَبَرِسْتَانَ ; وَلَمَّا أَحْكَمَ رَافِعٌ أَمْرَ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ سَارَ إِلَى خُرَاسَانَ، فَوَرَدَ نَيْسَابُورَ فِي رَبِيعٍ الْآخِرِ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَثَمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ، وَجَرَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَمْرٍو حَرْبٌ شَدِيدَةٌ انْهَزَمَ فِيهَا رَافِعٌ إِلَى أَبْيُورْدَ، وَأَخَذَ عَمْرٌو مِنْهُ الْمُعَدَّلَ، وَاللَّيْثَ وَلَدَيْ أَخِيهِ عَلِيِّ بْنِ اللَّيْثِ، وَكَانَا عِنْدَهُ بَعْدَ مَوْتِ أَخِيهِ عَلِيٍّ.

وَلَمَّا وَرَدَ رَافِعٌ أَبْيُورْدَ أَرَادَ الْمَسِيرَ إِلَى هَرَاةَ (أَوْ مَرْوٍ) ، فَعَلِمَ عَمْرٌو بِذَلِكَ، فَأَخَذَ عَلَيْهِ الطَّرِيقَ بِسَرَخْسَ، فَلَمَّا عَلِمَ رَافِعٌ بِمَسِيرِ عَمْرٍو عَنْ نَيْسَابُورَ سَارَ عَلَى مَضَايِقَ، وَطُرُقٍ غَامِضَةٍ غَيْرَ طَرِيقِ الْجَيْشِ إِلَى نَيْسَابُورَ، فَدَخَلَهَا، وَعَادَ إِلَيْهِ عَمْرٌو مِنْ سَرَخْسَ فَحَصَرَهُ فِيهَا، وَتَلَاقَيَا، وَاسْتَأْمَنَ بَعْضُ قُوَّادِ رَافِعٍ إِلَى عَمْرٍو، فَانْهَزَمَ رَافِعٌ، وَأَصْحَابُهُ، وَسَيَّرَ أَخَاهُ مُحَمَّدَ بْنَ هَرْثَمَةَ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ يَسْتَمِدُّهُ، وَيَطْلُبُ مَا وَعَدَهُ مِنَ الرِّجَالِ، فَلَمْ يَفْعَلْ، وَلَمْ يُمِدَّهُ بِرَجُلٍ وَاحِدٍ، وَتَفَرَّقَ عَنْ رَافِعٍ أَصْحَابُهُ وَغِلْمَانُهُ، وَكَانَ لَهُ أَرْبَعَةُ آلَافِ غُلَامٍ، وَلَمْ يَمْلِكْ أَحَدٌ مِنْ وُلَاةِ خُرَاسَانَ قَبْلَهُ مِثْلَهُ، وَفَارَقَهُ مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ إِلَى إِسْمَاعِيلَ بْنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>