ذِكْرُ الظَّفَرِ بِالْخَلَنْجِيِّ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ، فِي صَفَرٍ، وَصَلَ عَسْكَرُ الْمُكْتَفِي إِلَى نَوَاحِي مِصْرَ، وَتَقَدَّمَ أَحْمَدُ بْنُ كَيْغَلَغَ فِي جَمَاعَةٍ مِنَ الْقُوَّادِ، فَلَقِيَهُمُ الْخَلَنْجِيُّ بِالْقُرْبِ مِنَ الْعَرِيشِ، فَهَزَمَهُمْ أَقْبَحَ هَزِيمَةٍ، فَنَدَبَ جَمَاعَةً مِنَ الْقُوَّادِ إِلَيْهِمْ بِبَغْدَاذَ، وَفِيهِمْ إِبْرَاهِيمُ بْنُ كَيْغَلَغَ، فَخَرَجُوا فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ وَسَارُوا نَحْوَ مِصْرَ.
وَاتَّصَلَتِ الْأَخْبَارُ بِقُوَّةِ الْخَلَنْجِيِّ، فَبَرَزَ الْمُكْتَفِي إِلَى بَابِ الشَّمَّاسِيَّةِ لِيَسِيرَ إِلَى مِصْرَ فِي رَجَبٍ، فَوَصَلَ إِلَيْهِ كِتَابُ فَاتَكٍ فِي شَعْبَانَ يَذْكُرُ أَنَّهُ وَالْقُوَّادَ رَجَعُوا إِلَى الْخَلَنْجِيِّ، وَكَانَتْ بَيْنَهُمْ حُرُوبٌ كَثِيرَةٌ قُتِلَ بَيْنَهُمْ فِيهَا خَلْقٌ كَثِيرٌ، فَإِنَّ آخِرَ حَرْبٍ كَانَتْ بَيْنَهُمْ قُتِلَ فِيهَا مُعْظَمُ أَصْحَابِ الْخَلَنْجِيِّ، وَانْهَزَمَ الْبَاقُونَ، وَظَفِرُوا بِهِمْ، وَغَنِمُوا عَسْكَرَهُمْ، وَهَرَبَ الْخَلَنْجِيُّ، فَدَخَلَ فُسْطَاطَ مِصْرَ، فَاسْتَتَرَ بِهَا عِنْدَ رَجُلٍ مَنْ أَهْلِ الْبَلَدِ، فَدَخَلْنَا الْمَدِينَةَ، فَدَلُّونَا عَلَيْهِ، فَأَخَذْنَاهُ وَمَنِ اسْتَتَرَ عِنْدَهُ، وَهُمْ فِي الْحَبْسِ.
فَكَتَبَ الْمُكْتَفِي إِلَى فَاتِكٍ فِي حَمْلِ الْخَلَنْجِيِّ وَمَنْ مَعَهُ إِلَى بَغْدَاذَ، وَعَادَ الْمُكْتَفِي فَدَخَلَ بَغْدَاذَ، وَأَمَرَ بِرَدِّ خَزَائِنِهِ، وَكَانَتْ قَدْ بَلَغَتْ تَكْرِيتَ، فَوَجَّهَ فَاتِكٌ الْخَلَنْجِيَّ إِلَى بَغْدَاذَ، فَدَخَلَهَا هُوَ وَمَنْ مَعَهُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، فَأَمَرَ الْمُكْتَفِي بِحَبْسِهِمْ.
ذِكْرُ أَمْرِ الْقَرَامِطَةِ
فِيهَا أَنْفَذَ زَكْرَوَيْهِ بْنُ مَهْرَوَيْهِ، بَعْدَ قَتْلِ صَاحِبِ الشَّامَةِ، رَجُلًا كَانَ يُعَلِّمُ الصِّبْيَانَ بِالرَّافُوفَةِ مِنَ الْفَلُّوجَةِ يُسَمَّى عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَعِيدٍ، وَيُكَنَّى أَبَا غَانِمٍ، فَسُمِّيَ نَصْرًا، وَقِيلَ كَانَ الْمُنْفِذُ ابْنَ زَكْرَوَيْهِ، فَدَارَ عَلَى أَحْيَاءِ الْعَرَبِ مِنْ كَلْبٍ وَغَيْرِهِمْ يَدْعُوهُمْ إِلَى رَأْيِهِ، فَلَمْ يَقْبَلْهُ مِنْهُمْ أَحَدٌ، إِلَّا رَجُلًا مِنْ بَنِي زِيَادٍ يُسَمَّى مِقْدَامَ بْنَ الْكَيَّالِ، وَاسْتَقْوَى بِطَوَائِفَ مِنَ الْأَصْبَغِيِّينَ الْمُنْتَمِينَ إِلَى الْفَوَاطِمِ، وَغَيْرِهِمْ مِنَ الْعُلَيْصِيِّينَ، وَصَعَالِيكَ مِنْ سَائِرِ بُطُونِ كَلْبٍ، وَقَصَدَ نَاحِيَةَ الشَّامِ، وَالْعَامِلُ بِدِمَشْقَ وَالْأُرْدُنِّ أَحْمَدُ بْنُ كَيْغَلَغَ، وَهُوَ بِمِصْرَ يُحَارِبُ الْخَلَنْجِيَّ، فَاغْتَنَمَ ذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ، وَسَارَ إِلَى بُصْرَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute