وَأَذْرِعَاتٍ وَالْبَثَنَيَّةِ، فَحَارَبَ أَهْلَهَا، ثُمَّ أَمَّنَهُمْ، فَلَمَّا اسْتَسْلَمُوا إِلَيْهِ قَتَلَ مُقَاتِلَتَهُمْ، وَسَبَى ذَرَارِيَّهُمْ وَأَخَذَ أَمْوَالَهُمْ.
ثُمَّ قَصَدَ دِمَشْقَ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ نَائِبُ ابْنِ كَيْغَلَغَ، وَهُوَ صَالِحُ بْنُ الْفَضْلِ، فَهَزَمَهُ الْقَرَامِطَةُ، وَأَثْخَنُوا فِيهِمْ، ثُمَّ [أَمَّنُوهُمْ] وَغَدَرُوهُمْ بِالْأَمَانِ، وَقَتَلُوا صَالِحًا، وَفَضُّوا عَسْكَرَهُ، وَسَارُوا إِلَى دِمَشْقَ، فَمَنَعَهُمْ أَهْلُهَا، فَقَصَدُوا طَبَرِيَّةَ، وَانْضَافَ إِلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنْ جُنْدِ دِمَشْقَ افْتُتِنُوا بِهِ، فَوَاقَعَهُمْ يُوسُفُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ بَغَامَرْدِيِّ، وَهُوَ خَلِيفَةُ أَحْمَدَ بْنِ كَيْغَلَغَ بِالْأُرْدُنِّ، فَهَزَمُوهُ، وَبَذَلُوا لَهُ الْأَمَانَ، وَغَدَرُوا بِهِ، وَقَتَلُوهُ، وَنَهَبُوا طَبَرِيَّةَ، وَقَتَلُوا خَلْقًا كَثِيرًا مِنْ أَهْلِهَا وَسَبَوُا النِّسَاءَ.
فَأَنْفَذَ الْخَلِيفَةُ الْحُسَيْنَ بْنَ حَمْدَانَ وَجَمَاعَةً مِنَ الْقُوَّادِ فِي طَلَبِهِمْ، فَوَرَدُوا دِمَشْقَ، فَلَمَّا عَلِمَ بِهِمُ الْقَرَامِطَةُ رَجَعُوا نَحْوَ السَّمَاوَةِ، وَتَبِعَهُمُ الْحُسَيْنُ فِي السَّمَاوَةِ وَهُمْ يَنْتَقِلُونَ فِي الْمِيَاهِ وَيُغَوِّرُونَهَا، حَتَّى لَجَئُوا إِلَى مَاءَيْنِ يُعْرَفُ أَحَدُهُمَا بِالدِّمْعَانَةِ، وَالْآخَرُ بِالْحَبَالَةِ.
وَانْقَطَعَ ابْنُ حَمْدَانَ عَنْهُمْ لِعَدَمِ الْمَاءِ، وَعَادَ إِلَى الرَّحْبَةِ، وَأَسْرَى الْقَرَامِطَةُ مَعَ نَصْرٍ إِلَى هِيتَ وَأَهْلُهَا غَافِلُونَ، فَنَهَبُوا رَبَضَهَا، وَامْتَنَعَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ بِسُورِهِمْ، وَنَهَبُوا السُّفُنَ، وَقَتَلُوا مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مِائَتَيْ نَفْسٍ، وَنَهَبُوا الْأَمْوَالَ وَالْمَتَاعَ، وَأَوْقَرُوا ثَلَاثَةَ آلَافِ رَاحِلَةٍ مِنَ الْحِنْطَةِ.
وَبَلَغَ الْخَبَرُ إِلَى الْمُكْتَفِي فَسَيَّرَ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْحَاقَ بْنِ كُنْدَاجَ، فَلَمْ يُقِيمُوا لِمُحَمَّدٍ، وَرَجَعُوا إِلَى الْمَاءَيْنِ فَنَهَضَ مُحَمَّدٌ خَلْفَهُمْ، فَوَجَدَهُمْ قَدْ غَوَّرُوا الْمِيَاهَ، فَأَنْفَذَ إِلَيْهِ مِنْ بَغْدَاذَ الْأَزْوَادَ وَالدَّوَابَّ، وَكَتَبَ إِلَى ابْنِ حَمْدَانَ بِالْمَسِيرِ إِلَيْهِمْ مِنْ جِهَةِ الرَّحْبَةِ لِيَجْتَمِعَ هُوَ وَمُحَمَّدٌ عَلَى الْإِيقَاعِ بِهِمْ، فَفَعَلَ ذَلِكَ.
فَلَمَّا أَحَسَّ الْكَلْبِيُّونَ بِإِقْبَالِ الْجَيْشِ إِلَيْهِمْ وَثَبُوا بِنَصْرٍ فَقَتَلُوهُ، قَتَلَهُ رَجُلٌ مِنْهُمْ يُقَالُ لَهُ الذِّئْبُ بْنُ الْقَائِمِ، وَسَارَ بِرَأْسِهِ إِلَى الْمُكْتَفِي مُتَقَرِّبًا بِذَلِكَ، مُسْتَأْمِنًا، فَأُجِيبَ إِلَى ذَلِكَ، وَأُجِيزَ بِجَائِزَةٍ سَنِيَّةٍ، وَأَمَرَ بِالْكَفِّ عَنْ قَوْمِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute