وَأَمَّا قُرَاتِكِينُ فَإِنَّهُ مَاتَ بِبُسْتَ، وَنُقِلَ إِلَى أَسْبِيجَابَ، فَدُفِنَ بِهَا فِي رِبَاطِهِ الْمَعْرُوفِ بِرِبَاطِ قُرَاتِكِينَ، (وَلَمْ يَمْلِكْ ضَيْعَةً قَطُّ) ، وَكَانَ يَقُولُ: يَنْبَغِي لِلْجُنْدِيِّ أَنْ يَصْحَبَهُ كُلُّ مَا مَلَكَ أَيْنَ سَارَ، حَتَّى لَا يَعْتَقِلَهُ شَيْءٌ.
ذِكْرُ عِدَّةِ حَوَادِثَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ مُنْتَصَفَ الْمُحَرَّمِ، وَقَعَتْ فِتْنَةٌ بِالْمَوْصِلِ بَيْنَ أَصْحَابِ الطَّعَامِ وَبَيْنَ أَهْلِ الْمُرَبَّعَةِ وَالْبَزَّازِينَ، (فَظَهَرَ أَصْحَابُ الطَّعَامِ عَلَيْهِمْ أَوَّلَ النَّهَارِ، فَانْضَمَّ الْأَسَاكِفَةُ إِلَى أَهْلِ الْمُرَبَّعَةِ وَالْبَزَّازِينَ) فَاسْتَظْهَرُوا بِهِمْ، وَقَهَرُوا أَصْحَابَ الطَّعَامِ وَهَزَمُوهُمْ وَأَحْرَقُوا أَسْوَاقَهُمْ.
وَتَتَابَعَتِ الْفِتْنَةُ بَعْدَ الْحَادِثَةِ وَاجْتَرَأَ أَهْلُ الشَّرِّ، وَتَعَاقَدَ أَصْحَابُ الْخُلُقَانِ وَالْأَسَاكِفَةُ عَلَى أَصْحَابِ الطَّعَامِ، وَاقْتَتَلُوا قِتَالًا شَدِيدًا (دَامَ بَيْنَهُمْ) ، ثُمَّ ظَفِرَ أَصْحَابُ الطَّعَامِ فَهَزَمُوا الْأَسَاكِفَةَ وَمَنْ مَعَهُمْ، وَأَحْرَقُوا سُوقَهُمْ، وَقَتَلُوا مِنْهُمْ، وَرَكِبَ أَمِيرُ الْمَوْصِلِ، وَهُوَ الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَمْدَانَ الَّذِي لُقِّبَ بَعْدُ بِنَاصِرِ الدَّوْلَةِ لِيُسَكِّنَ النَّاسَ، فَلَمْ يَسْكُنُوا وَلَا كَفُّوا، ثُمَّ دَخَلَ بَيْنَهُمْ نَاسٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ وَأَهْلِ الدِّينِ، فَأَصْلَحُوا بَيْنَهُمْ.
وَفِيهَا وَقَعَتْ فِتْنَةٌ عَظِيمَةٌ بِبَغْدَاذَ بَيْنَ أَصْحَابِ أَبِي بَكْرٍ الْمَرْوَزِيِّ الْحَنْبَلِيِّ وَبَيْنَ غَيْرِهِمْ مِنَ الْعَامَّةِ، وَدَخَلَ كَثِيرٌ مِنَ الْجُنْدِ فِيهَا، وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ أَصْحَابَ الْمَرْوَزِيِّ قَالُوا فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} [الإسراء: ٧٩] ، هُوَ أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute