للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذِكْرُ خِلَافَةِ الْقَاهِرِ بِاللَّهِ

لَمَّا قُتِلَ الْمُقْتَدِرُ بِاللَّهِ عَظُمَ قَتْلُهُ عَلَى مُؤْنِسٍ، وَقَالَ: الرَّأْيُ أَنْ نُنَصِّبَ وَلَدَهُ أَبَا الْعَبَّاسِ (أَحْمَدَ) فِي الْخِلَافَةِ، فَإِنَّهُ تَرْبِيَتِي، وَهُوَ صَبِيٌّ عَاقِلٌ، وَفِيهِ دِينٌ وَكَرْمٌ، (وَوَفَاءٌ بِمَا يَقُولُ) ، فَإِذَا جَلَسَ فِي الْخِلَافَةِ سَمَحَتْ نَفْسُ جَدَّتِهِ، وَالِدَةُ الْمُقْتَدِرِ وَإِخْوَتِهِ، وَغِلْمَانِ أَبِيهِ بِبَذْلِ الْأَمْوَالِ، وَلَمْ يَنْتَطِحْ فِي قَتْلِ الْمُقْتَدِرِ عَنْزَانِ، فَاعْتَرَضَ عَلَيْهِ أَبُو يَعْقُوبَ إِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ النُّوبَخْتِيُّ، وَقَالَ: بَعْدَ الْكَدِّ وَالتَّعَبِ اسْتَرَحْنَا مِنْ خَلِيفَةٍ لَهُ أُمٌّ، وَخَالَةٌ، وَخَدَمٌ يُدَبِّرُونَهُ فَنَعُودُ إِلَى تِلْكَ الْحَالِ! وَاللَّهِ لَا نَرْضَى إِلَّا بِرَجُلٍ كَامِلٍ، يُدَبِّرُ نَفْسَهُ، وَيُدَبِّرُنَا وَمَا زَالَ حَتَّى رَدَّ مُؤْنِسًا عَنْ رَأْيِهِ، وَذَكَرَ لَهُ أَبُو مَنْصُورٍ مُحَمَّدَ بْنَ الْمُعْتَضِدِ فَأَجَابَهُ مُؤْنِسٌ إِلَى ذَلِكَ، وَكَانَ النُّوبَخْتِيُّ فِي ذَلِكَ كَالْبَاحِثِ عَنْ حَتْفِهِ بِظِلْفِهِ فَإِنَّ الْقَاهِرَ قَتَلَهُ، كَمَا نَذْكُرُهُ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ.

وَأَمَرَ مُؤْنِسٌ بِإِحْضَارِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُعْتَضِدِ، فَبَايَعُوهُ بِالْخِلَافَةِ لِلَيْلَتَيْنِ بَقِيَتَا مِنْ شَوَّالٍ، وَلَقَّبُوهُ الْقَاهِرَ بِاللَّهِ، وَكَانَ مُؤْنِسٌ كَارِهًا لِخِلَافَتِهِ، (وَالْبَيْعَةِ لَهُ) ، وَيَقُولُ: إِنَّنِي عَارِفٌ بِشَرِّهِ، وَسُوءِ نِيَّتِهِ، وَلَكِنْ لَا حِيلَةَ.

وَلَمَّا بُويِعَ اسْتَحْلَفَهُ مُؤْنِسٌ لِنَفْسِهِ وَلِحَاجِبِهِ بُلَيْقٍ، وَلِعَلِيِّ بْنِ بُلَيْقٍ وَأَخَذُوا

<<  <  ج: ص:  >  >>