يَاقُوتٍ، أَوْ أَسْرِهِ، فَتَقَنْطَرَ بِهِ فَرَسُهُ، فَسَقَطَ عَنْهُ فِي سَاقِيَةٍ، فَلَحِقَهُ غُلَامٌ لَهُ اسْمُهُ يُمْنٌ، فَضَرَبَهُ بِالطَّبَرْزَيْنِ حَتَّى أَثْخَنَهُ، وَكَسَّرَ عِظَامَهُ، ثُمَّ نَزَلَ إِلَيْهِ فَذَبَحَهُ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ وَكَبَّرَ، فَانْهَزَمَ أَصْحَابُهُ وَتَفَرَّقُوا، وَدَخَلَ بَعْضُهُمْ بَغْدَاذَ سِرًّا، وَنُهِبَ سَوَادُ هَارُونَ، وَقُتِلَ جَمَاعَةٌ مِنْ قُوَّادِهِ وَأُسِرَ جَمَاعَةٌ.
وَسَارَ مُحَمَّدٌ إِلَى مَوْضِعِ جُثَّةِ هَارُونَ، فَأَمَرَ بِحَمْلِهَا إِلَى مَضْرِبِهِ، وَأَمَرَ بِغَسْلِهِ وَتَكْفِينِهِ، ثُمَّ صَلَّى عَلَيْهِ وَدَفَنَهُ، وَأَنْفَذَ إِلَى دَارِهِ مَنْ يَحْفَظُهَا مِنَ النَّهْبِ، وَدَخَلَ بَغْدَاذَ وَرَأْسُ هَارُونَ بَيْنَ يَدَيْهِ وَرُءُوسُ جَمَاعَةٍ مِنْ قُوَّادِهِ، فَنُصِبَ بِبَغْدَاذَ.
ذِكْرُ ظُهُورِ إِنْسَانٍ ادَّعَى النُّبُوَّةَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ ظَهَرَ بِبَاسِنْدَ مِنْ أَعْمَالِ الصَّغَانِيَانِ رَجُلٌ ادَّعَى النُّبُوَّةَ، فَقَصَدَهُ فَوْجٌ بَعْدَ فَوْجٍ، وَاتَّبَعَهُ خَلْقٌ كَثِيرٌ، وَحَارَبَ مَنْ خَالَفَهُ، فَقَتَلَ خَلْقًا كَثِيرًا مِمَّنْ كَذَّبَهُ، فَكَثُرَ أَتْبَاعُهُ مِنْ أَهْلِ الشَّاشِ خُصُوصًا.
وَكَانَ صَاحِبُ حِيَلٍ وَمَخَارِيقَ، وَكَانَ يُدْخِلُ يَدَهُ فِي حَوْضٍ مَلْآنَ مَاءً، فَيُخْرِجُهَا مَمْلُوءَةً دَنَانِيرَ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْمَخَارِيقِ، فَكَثُرَ جَمْعُهُ، فَأَنْفَذَ إِلَيْهِ أَبُو عَلِيِّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُظَفَّرِ جَيْشًا، فَحَارَبُوهُ وَضَيَّقُوا عَلَيْهِ، وَهُوَ فَوْقَ جَبَلٍ عَالٍ، حَتَّى قَبَضُوا عَلَيْهِ وَقَتَلُوهُ، وَحَمَلُوا رَأْسَهُ إِلَى أَبِي عَلِيٍّ، وَقَتَلُوا خَلْقًا كَثِيرًا مِمَّنِ اتَّبَعَهُ وَآمَنَ بِهِ، وَكَانَ يَدَّعِي أَنَّهُ مَتَى مَاتَ، عَادَ إِلَى الدُّنْيَا، فَبَقِيَ بِتِلْكَ النَّاحِيَةِ جَمَاعَةٌ كَثِيرَةٌ عَلَى مَا دَعَاهُمْ إِلَيْهِ مُدَّةً طَوِيلَةً، ثُمَّ اضْمَحَلُّوا وَفَنَوْا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute